داخل الحجرة المعطرة قدر الإمكان وفعلا فهذا ما كان يجب عمله، ولأن سقف الحجرة المعطرة كان قد احترق ووقعت الحجارة والتراب وما يشبههما فوق القبور الشريفة، ولكن مهابة القبور الشريفة والرهبة منها حالت دون ذلك، فلم يتجرءوا عل تنفيذ ذلك؛ ومن هنا اجتمع مجلس شورى برئاسة والى المدينة منيف بن شيخة بن هاشم بن قاسم بن مهنى الحسينى وقرر فى هذا المجلس بموافقة أكابر المدينة كتابة عريضة وإرسالها إلى بغداد لتبليغ الأمر إلى الخليفة ولما كان ذلك فى أثناء استيلاء التتار على بغداد لم يأخذوا أى رد فتركوا مسجد السعادة على حالته تلك.
لما كان الضمير لن يقبل ترك مسجد السعادة فى حالة خراب كما أن ورود الإذن بخصوص تعمير المسجد قد تأخر كثيرا فعمر ورمم سادات المدينة وعلماؤها وأعيانها جهات الحجرة المعطرة الثلاث تاركين الجهة الشامية، وفهموا أن الحكومة البغدادية وموظفيها لن يستطيعوا تعمير مسجد السعادة لما ابتلوا بهجوم التتار فى المحرم الحرام من سنة ٦٥٦ هـ،فراجعوا ملوك المسلمين الآخرين فى الأطراف، وكانت تعميرات الأهالى لحجرة السعادة مقتصرة على تغطيتها فقط،وقد بدئ فى هذا التعمير سنة ٦٥٥ هـ فصنعوا غطاء من قماش يسمى محايس يمنية وغطوا فوقها، وكانت بطانة هذا الغطاء من قماش أزرق وكانت الستارة أربع قطع وكانت كل قطعة على شكل باب فضموا بعضها ببعض وألصقوها بلوحة خشبية مصنوعة من خشب يسمى الساج الهندى ولم تكن فى هذه اللوحة زينات ونقوش وكان اسم عاملها محكوكا عليها.
إن أول من استجاب لطلبات الأهالى لتجديد المسجد الشريف صاحب مصر المنصور نور الدين على بن الملك المعز عز الدين أيبك الصالحى وأرسل الأشياء اللازمة للبناء، ثم وصلت اللوازم التى أرسلها صاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف بن المنصور بن عمر بن رسول فقرر بناء مسجد السعادة من جديد وشرع فى العمل بناء على أمر صاحب مصر وإشعاره وبعد أن بنيت الجهة القبلية