والثلاثة صفوف التى جددت كان كل صف منها يتكون من تسعة قباب، وفتحت فى محاذاة الصف الأول من القباب وفى التقاء سطح حجرة السعادة هوايتين لتلطيف جو حرم السعادة فى أيام الصيف وتبريده وقد اكتسب مسجد السعادة بهاتين الهوايتين زينة أخرى.
وقبل أن تختتم عمليات بناء القباب المذكورة، صدرت الإرادة السلطانية السنية لشراء ساحة كبيرة فى غاية الوسع لبناء عمارة منسوبة لاسم السلطان السامى، وبعد إتمام عمليات مسجد السعادة قد دبروا الساحة فى خارج المدينة وبنوا هناك عمارة كبيرة عظيمة جميلة كما أسس فى قرية قباء رباطا خاصا بالفقراء وعين له الموظفين اللازمين وذلك فى سنة ٩٩٨ هـ ولم يسمع أهالى الحرمين حتى ذلك اليوم عن مثل هذه العمارة ولم يروا مثلها.
وقد بنيت هذه العمارة بطلب الأهالى وإرادتهم وأنشئ لإسكان خدمها أربعة عشر بيتا مستقلا، فأطلق أهالى المدينة المنورة على تلك العمارة التكية المرادية لإظهار مدى سرورهم القلبى وابتهاجهم.
وعندما يقال لهذه العمارة تكية، فلا يفهم أنها تكية عادية للذكر والفكر، والتى يطلق عليها خانقاه، ولم تكن هذه التكية من التكايا التى نعرفها بل كانت عمارة خاصة بجميع الأهالى.
وكانت ثمانية أو أربعة عشر منزلا خاصة لسكنى المتزوجين من الخدم وستة فيها خاصة لسكنى الخدم العزاب.
وكانت تلك التكية فى ناحية باب المضر وخارج السور وكان لها مخزن كبير ومطبخ ومخازن صغيرة متعددة وفى داخلها طواحينها وعدة مخابز وحجرات لوضع اللوازم الأخرى، وكان يخبز الخبز كل يوم فيها وكانت تصنع الحلوى فى ليلتى الجمعة والاثنين أكثر مما اعتيد.
ويطبخ فيها الأرز والزردة (وهو طعام حلو يطبخ بالزعفران) ويوزع على الفقراء، وكانت هذه العمارة تعد مبرة خيرية لا مثيل لها فى البلاد العربية كما كانت تقدم ما تقوم به حياة كل الفقراء من الأهالى.