وبعد أن صنفت الثريا التى سبق تعريفها فى مكانها اللائق، نسجت قطع الأقمشة والأغطية والسجاجيد التى صدر الأمر بصنعها ووضعها فى مشهد الحرم القدسى والروضة المطهرة التى يخدمها الملائكة، وكانت قطعة القماش كسوة جدران المرقد النبوى تعانق دائرا ما دار الحجرة فى جهاتها الأربعة وكانت أرضية هذا القماش الساحر من ستين ذراعا من الأطلس الأخضر وجها وبطانة وقد سطر على هذا القماش الذى يبعث الفرحة السورة الشريفة «الفتح» باستعمال ٧٠٠٠ مثقال من خيوط الفضة النادرة، وزينت ما بين سطورها بجداول لحسنها فبدت كأنوار الشفق وظهرت فى ساحة الأخيار وتمنى رضوان الجنة أن يمسح وجهه عليها.
وحتى يربط ما بين الغطاء الشريف المذكور أرسل ٥٧ قطعة أطلس فى لون الزرع وكل قطعة فى أربعة عشر ذراعا، كتبت عليها بعض الآيات الكريمة وكلمة الشهادة المباركة والصلوات الشريفة ثم أرسلت وأكملت بلوازمها الأخرى، ثم أرسلت أغطية ضريح وردة بستان النبوة، وثمرة سدرة المنتهى للرسالة، سيدة قصر العفة زينة بيت الشرف والسعادة درة السيادة السماوية ولؤلؤة العصمة سيدة النساء وقطعة كبد حبيب الله فاطمة الزهراء-رضى الله عنها-وكانت أرضيتها الغالية حمراء اللون ولون بطانتها خضراء.
وقد كتب فوق (١١) قطعة من أجمل أقمشة الأطلس بالخيوط الذهبية بعض الأحاديث الشريفة ببراعة أساتذة الفن، ولما تم صنع أعمالها الأخرى أرسلت إلى المدينة المنورة لتعلق على جدران المسجد النبوى والمعبد المصطفوى توأم الجنة كما أرسلت ثمان وثمانين قطعة سجاد مزخرفة بأنواع نقوش الأزاهير إلى المدينة المنورة لتفرش على ساحة الحرم النبوى، وكان مقدار هذه السجاجيد بالحساب التربيعى ٣٠٨١ ذراع من القماش والشمعدانان اللذان أرسلا لإنارة المكان الذى بشر بالحديث الشريف الذى يقول «بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة»، وطاف المحراب المشحون بالرحمة حيث توافر أجنحة الروحانية ذات عرب وكانا كأنهما نيران من حيث الشكل أو مثل الفرقدين وكانا مرصعين بأنواع الرسوم