السعادة وإنشاءاتها قد وصلت إلى ختامها إلا أنه ظلت بعض كتاباتها ولما أكملت هذه الكتابات فوق الرخام ونقوشها تركت فى مكان محفوظ بعد أن غطيت حتى توضع فى مكانها، وبعد فترة ما لم يبق فى الحرم الشريف محل فى حاجة إلى التجديد والتعمير ورفع رخام الطغراء من مكانه، فجاء بعض المسافرين من جانب مكة المعظمة وأتوا بخبر وفاة السلطان عبد المجيد خان فى صورة غير رسمية، إلا أن هذا الخبر لم يوثق به ولم يعتمد عليه، ومن هنا أخذ خطباء المسجد يذكرون فى خطبتهم يوم الجمعة اسم السلطان عبد المجيد ويدعون له وقالوا: لو كانت هذه الرواية صحيحة جاءتنا الأخبار من جانب الإمارة الهاشمية فى مكة المكرمة وكنا نؤمر بذكر اسم عبد العزيز خان وتلاوته وهذا لزوم شرعى، وكان لا بد أن يأتى الأمر السلطانى يشهد بجلوس السلطان عبد العزيز وكان ما قالوه معقولا.
وبما أن عمليات مبانى حرم السعادة أصبحت رهن الختام ولم يبق لقائل أن يقول:«فى هذا المكان قصور أو نقص» إذ أصبحت الروايات المتواترة أن من ينظر إلى المبانى العالية يراها ما زالت ناقصة ومن هنا كان يلزم تبديل الطغراء باسم السلطان الجديد، ولما كان هذا خلاف الواقع وضع البنّاءون رخامة الطغراء التى أعدت من قبل فى مكانها فوق باب السلام وبهذا بين أن عمارة المسجد الأخيرة قد تمت فى عهد السلطان عبد المجيد الملئ بالخيرات وبهذه الجرأة المقدرة ودلالتها بان أنه متصف بالاستقامة والنزاهة وقد عرض هذا الوضع اللائق على السلطان عبد العزيز فى صورة غير لائقة وأدى ذلك لغضب ذلك السلطان، إلا أن المنافقين الذين عرضوا ذلك الأمر على السلطان عن طريق الغمز واللمز قد ارتكبوا عن طريق الرياء المذموم ظلما كبيرا؛ لأن عمارة حرم السعادة قد تمت فى اليوم الأولى من ذى الحجة سنة ١٢٧٧ هـ ووضعت طغراء عبد المجيد خان الغراء فوق باب السلام وعلى طاقه، وكان السلطان عبد العزيز قد جلس على عرش السلطنة يوم الثلاثاء السابع عشر من ذى الحجة من السنة المذكورة ويوجد تفاوت قدر ستة عشر يوما بين الحادثين، لو كان موظف مبانى السعادة امتنع عن وضع