وأنشئوا متاريس وأبراج لحماية أنفسهم، مع أن العربان حاصروا الجهات الأربعة للجبل الأحمر وأخذوا يسببون الخسائر للمحاصرين وكانوا يهربون كلما أرسل ضدهم الجنود والعساكر وقد تصدعت المواضع التى رممت من قبل من مسجد السعادة، كما أشرفت بعض مواضعه على الانقراض، وساءت حالة المسجد إلى أقصى درجة من درجات السوء فى خلال سنة ١٢٦٠ هـ،ولما كانت السقوف والقباب قد تصدعت فى عدد من المواضع وخيف من سقوطها فجأة، أسف موظفو الحكومة لذلك أشد الأسف وحاروا فيما يفعلون، ثم اجتمعوا للتشاور وتدبير الأمر، فقر قرارهم على رفع الأمر إلى الباب العالى.
وقد وصلت حالة الأبنية فى عهد داود باشا شيخ الحرم رحمه الله، إلى درجة من السوء بحيث كان الأهالى الكرام يتحاشون الاقتراب من بعض مواضعها، وكانوا يدعون الله كى يلهم السلطان بما ينبغى عمله نحو حرم السعادة، وفى نهاية المطاف اتفق أعيان المدينة وسادتها على رفع الأمر إلى داود باشا الذى كان فى شدة الألم من إشراف مبانى الحرم النبوى الشريف على الانقضاض وكونها فى أشد الحاجة إلى التعمير والترميم، فما كان من داود باشا إلا أن أحضر الدواة والقرطاس وكتب إلى مقام الصدارة العظمى رسالة بين فيها إشراف مبانى الحرم النبوى الشريف على الانهيار ما لم ينظر إلى حل هذه المشكلة الآن وأرسل هذه الرسالة إلى باب السعادة فى سنة ١٢٦٣ هـ.
ولما وصلت رسالة داود باشا هذه إلى باب السعادة وعلم فحواها أولو الأمر أدركوا الحالة التى وصلت إليها أبنية حرم السعادة، وحصلوا على معلومات كافية بخصوص هذا الأمر، وقد شكلت لجان فى دار الإفتاء السلطانى لمذاكرة الأمر فى عمق، وفى ظل المسائل الشرعية، ثم قرروا كإجراء أولى إرسال مهندس مجرب ليقوم بالكشف على تلك الأماكن ثم يتداولون الأفكار وفقا لما يرسمه ذلك المهندس من خريطة لتلك الأماكن، وبناء على الأمر السلطانى الذى صدر بعد