الطيب مهما كان مقدارها ولما كان إنقاذ واردات الخزانة المالية السلطانية من الواردات المخلوطة من شبهة لضيق الوقت، فكلما احتيج إلى إرسال النقود إلى المدينة المنورة لتعمير الحرم النبوى كان يبادل ما تهيأ فى الخزانة السلطانية من أموال مع من يثق بهم من الذوات عن طريق الاقتراض أى كان يرسل هذه المبالغ موافقة لأحكام الشريعة الغراء.
وقد سطر فى التواريخ القديمة أنه كلما احتاج الحرمان الشريفان ومبانيهما للتجديد والتعمير أن الأموال التى ستنفق لذلك كانت تصرف من أموال الجوالة التى يصدق العلماء أن أموالها حلال.
وكان السلطان عبد المجيد خان يرسل الأموال اللازمة للإنفاق على الأبنية المذكورة على الوجه المشروح السابق رحمه الله رحمة واسعة.
أرسل حليم أفندى الصغير الذى أسندت إليه عهدة البناء عندما وصل إلى ينبع رئيس البناء الحجرى نواحى دار الهجرة لعلهم يجدون محجرا، كما أنه توجه نحو المدينة المنورة ووصل إليها فى أوائل رجب الفرد وتفقد لوازم البناء التى وصلت قبله وبعد أن جمع ورتب مجلس العلماء الذى أمر بتشكيله بالإرادة السنية، فأراد أن يشرع فى عمله باتفاق الآراء، ولكن بما أنه كان فى حاجة إلى تهيئة الأحجار التى تستخدم فى البناء وتسهيل الحصول عليها اضطر أن ينتظر وصول رئيس البنائين إبراهيم أغا، إلا أن إبراهيم أغا عاد يائسا من أنه لم يصادف معدنا من هذا القبيل، وطلب منه أن يبعثه إلى مكان آخر مع الحجارين حتى يتحرى عن الحجارة، وتشكل عندئذ مجلس ليبحث هذا الأمر فرأى المجلس أن يرافق المجلس لإبراهيم أغا عدة حجارين من أهل المدينة وشرح له الجبال التى يحتمل وجود الحجارة فيها، وتحرى إبراهيم أغا هذه المرة جميع الجبال التى حول المدينة المنورة ثم وجد فى جهة بيار على من وادى العقيق على بعد ساعتين من المدينة المنورة فى جهة مكة المكرمة، محجرا غنيا بالحجارة وكانت هذه الحجارة