فيحترمون كل موقع فى تلك البلدة المباركة ويراعون جانب كل فرد من سكنتها ويتخلقون بما جاء فى الكلمات الآتية:
يشاركهم فى أنديتهم لا فى أغذيتهم، ويزاحمهم فى أوقاتهم لا فى أقواتهم، ويكتسب من أخلاقهم لا من أرزاقهم، ويقتبس من برهم لا من برّهم، فيتصل بهم كثيرا ويشاركهم فى محاسن أخلاقهم وعاداتهم، ولكن لا يعمل على مشاركة أرزاقهم وأقواتهم ويخطفها من أيديهم. ويرغب فى حبهم وموالاتهم ولا يطمع فى حبوبهم وأطعمتهم. وألا يزعجهم بالاستيلاء على دور فقرائهم وإطالة يد الطمع لصدقاتهم وألا يسعى فى منع معروفهم وإبطاله. إذ قيل:
لا تقطعن يد المعروف عن أحد ... ما دام يمكن فالإمكان تارات
واشكر فضيلة لطف الله إذ جعلت ... إليك لا لك عند الناس حاجات
فليقل أصحاب الاعتراض ما يقولون فى حق أهل المدينة. وليسندوا إليهم ما يسندون، فمحبتهم وإكرامهم وتعظيمهم واحترامهم واجب على كل مؤمن موحد. فأهل المدينة جيران النبى صلى الله عليه وسلم وبناء على الحكم الجليل:«مازال جبريل يوصينى بالجار .. » فحق جوارهم ثابت ومهما ارتكبوا من الإساءات فإنهم لن يحرموا من حق الجوار وهذا حق محقق. ومهما ترك المدنى من الاتباع واخترع عادات غير مقبولة وابتدع، فيجب ألا يترك دون إكرام ويقطع احترامه. لأن هذه الأمور لا تسقط شرف جواره وحسن العاقبة مأمول له. يجب أن ينظر إلى كل فرد منهم بعين تعظيم وإكرام وتفخيم. وألا يبحث عن أحوالهم الظاهرة ولا يفتش عن أفعالهم الباطنية وأسرارهم لما كانت جميع الذنوب تحت حكم مشئية الله ما عدا الشرك فالله-سبحانه وتعالى-يعذب فاعله إن شاء ويعفو عنه ويطلقه إن شاء.