الحميرى الذى مر بالمدينة قبل الهجرة بسبعمائة سنة شرب من مائها اللطيف وأعجب به.
وفى أوائل الهجرة النبوية لم يكن الصحابة الكرام يجدون ماء غير ماءها بثمن غال للشرب. فقال النبى صلى الله عليه وسلم «بئر مزنى-يعنى روما-ما أحسنها من بئر» وبناء على رواية قال «ما أحسنه من حفيرة حفيرة مزنى».
وأحضر صاحبه وقال له: يلزم أن تبيع هذه البئر بدل بئر من الجنة وبهذه الطريقة أراد أن يتصدق بها صاحبها، ولكنه قال «يا رسول الله ليس عندى شئ آخر لأتعيش منه» ولما أحس عثمان بن عفان بأن اليهودى لا يريد أن يعطى للنبى صلى الله عليه وسلم متعللا بالأعذار فأرضى اليهودى بأن اشترى البئر بعشرين ألف درهم أو على قول آخر بخمسة وثلاثين ألف درهم. ووقفها. وكان قد اشترى نصف البئر أولا لأن صاحبها لم يرد أن يبيعها كلها قائلا إننى لا أستطيع أن أبيع البئر كلها مرة واحدة إذا أردت أبيع نصفها لك فلتكن لك يوما واليوم الآخر لى، وفى اليوم الذى لك لا آخذ منها ماء كما أنك لا تأخذ فى اليوم الذى لى ماء!!! وكان حضرة عثمان أخذ نصف البئر بإعطائه اثنى عشر ألف درهم. ووقفها. ولما رأى اليهودى أن المسلمين يأخذون من الماء ما يكفيهم لأربع وعشرين ساعة فى اليوم الخاص بحضرة عثمان وأصبحوا لا يشترون ماء فباع لحضرة عثمان نصفها الثانى بثمانية أو على قول آخر ثلاثة وعشرين ألف درهم وترك البئر نهائيا.
وظلت البئر زمنا طويلا عذبة الماء وكان ماؤها مرغوبا بين الأهالى وكانت تروى سكان المدينة إلا أن أبنيتها تخربت وغاض ماؤها فترة من الزمن. فجدد قاضى مكة المكرمة أحمد شهاب بن محمد المحب الطبرى أبنيتها وطهرها وذلك خلال عام ٧٥٠ هـ وبعد مائتين وتسعين سنة أى فى عام ١٠٤٠ هـ فعمرها بشكل جيد الشخص الذى تولى مشيخة الحرم النبوى وأحياها بأن غرس حولها الأشجار وبنى بجانبها مسجدا ووقفها. والآن يمر بها الفقراء ويزورونها وأحيانا