للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان لوادى العقيق اسم قديم إلا أن الملك تبّع قال حينما زار المدينة هذا عقيق الأرض وعلى ساحته سليلة وهذا عرضه الأرض. وعلى قول لما كان لون وادى العقيق فى غاية الاحمرار كان سببا فى إطلاق اسم العقيق عليه وانسى اسمه القديم.

ووادى العقيق من أعظم وديان الحجاز ويمتد من حدود الطائف ويمر بالمدينة إلى أن يتصل بالبحر الأحمر، لقد منح النبى صلى الله عليه وسلم هذا الوادى لبلال بن الحارث المزنى ليستغله بطريق المقاطعة. ولما ترك هذا الوادى إلى عهد عمر بن الخطاب دون إعمار قال عمر الفاروق لبلال «يا بلال! إذ عمرت الوادى الذى أخذته عن النبى بالمقاطعة أتركه لك؛ وإذا لا تريد إعماره أقطعته للآخرين» ولما أخذ منه جوابا بالنفى ترك جزءا من الوادى فى يد بلال وأقطع الباقى للذين يرغبون وأعطاهم.

وقد قدر فى أوائل الإسلام فضل وادى العقيق ومزيته ومناظره الجميلة التى تسحر النفوس فعمر واستصلح بكل عناية مما أثر فى قرائح الشعراء فأنشدوا قصائد مدح فى حسنه وجماله قصائد لا تعد ولا تحصى. وقد تعود عمر بن الخطاب كلما ظهرت السيول فى وادى العقيق أن يذهب مع أهل المدينة إلى مجراه ويشرب منه الماء. وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بقداسة وادى العقيق عندما قال:

«جاءنى أحد فى هذه الليلة وقال لى صلّ فى هذا الوادى» وفى يوم آخر قال بعد أن ذهب إلى وادى العقيق ورجع «يا عائشة! وادى العقيق ما أجمله من مكان، وما أحلى ماءه وما أطرى ترابه؟!!» فوصف وادى العقيق مادحا وعندما قالت له «إذا كان كذلك فلماذا لا نقيم فى وادى العقيق» فأجابها قائلا: «إن الناس قد استقروا هناك وأعدوا لهم منازل خاصة ومن هنا فإن النقل والهجرة إلى وادى العقيق غير ممكن».وبين بهذا أن انتقال أهل المدينة إلى وادى العقيق أمر شاق، وقال فى يوم آخر لأنس بن مالك، وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد زار وادى العقيق فى ذلك اليوم «ملأت هذه المطرة (١) من واد يحبنا ونحن نحبه» وهكذا أظهر حبه لوادى العقيق.


(١) المطرة: القربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>