للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمساعدة الظروف، وأقام مجموعة من الأصنام على أشكال مختلفة وادعى الألوهية ودعا الناس إلى عبادته، وهكذا أضل الناس عن عبادة الملك المتعال جل جلاله. وكان يقول: «إن الذين يعبدون صورتى، سواء خفية أو علانية ويتقربون إلي ينالون درجة الكمال وأعلى المناصب».وذات ليلة رأى فى منامه أن كوكبا لامعا براقا يضئ حتى أن نوره حجب ضياء القمر المنير فاختفى، فقلق قلقا شديدا وأحضر كبار الكهنة والمنجمين وأمرهم بتفسير ما تدل عليه الرؤيا وبناء عليه قال المنجمون: سيولد مولود ذو طالع ميمون مرتفع محمود العاقبة، وسيكون سببا فى تحطيم بنيان سلطنتك حتى تصير خرابا وأن هذا الطفل ما زال فى صلب أبيه.

وتبعا لقول آخر أن (جليد بن عاص) وهو من أشهر الحكماء ومجموعة البؤساء الأشقياء التابعين له والذين اختصوا بتفسير رؤيا النمرود قالوا: «بالنظر فى أحكام كتبنا المتداولة، فإنه سيولد هذه السنة غلام محظوظ‍ سعيد فى عاصمة بلدكم، وبعد أن يكبر هذا الغلام سيأتى بدين جديد وسيدعى أنه رسول لهذا الدين، وسيدعونا لاتباعه وإذا عجزنا عن إيجاد حل لهذا الأمر من الآن، فإن دولة النماردة ستزول وتمحى بلا ريب.

وتحير النمرود التعس من هذه المعلومات الفلكية التى تلقاها من كهنته، وبدافع من حماقته وبلاهته هب ليغير حكم القضاء وأصدر أوامره بالتفريق بين الرجال والنساء لكى يحول دون اجتماع الأزواج فى الفترة التى جددها الكهنة، وعين لكل عشرة رجال رقيبا عليهم، وعلاوة على هذا التضييق على الناس أمر بقتل كل الأطفال الذين سيولدون في تلك السنة».

وفى الواقع أنه لم يستطع تغيير القدر الإلهى، إذ التقى آزر (١) فى تلك الليلة بزوجته (٢) (أدنى بنت نمرة) وانتقل سيدنا إبراهيم إلى رحم أمه.


(١) آزر هو لقب لتارخ أبو سيدنا إبراهيم لقب بهذا الاسم للإله الذى يعبده على قول، وفى قول آخر هو عمه أخو أبيه. وهذا ما رجحه الشيخ محمد متولى الشعراوى-رحمه الله-من العلماء المعاصرين.
(٢) هناك اختلاف فى اسم «أدنى» فبعض الرواة يصرون على أن اسم والدة إبراهيم عليه السلام «أدنى» بينما يقول الثانى أن اسمها «ملكا» ويدعى الثالث أنه «نونا» بينما يقول الرابع أنه «ليوثا».

<<  <  ج: ص:  >  >>