وبعض الكلمات المثيرة للشوق والحماس للجنود الذين تحت قيادتهم حتى يزيلوا ما فى نفوسهم من الضجر والانزعاج، وأن يشحنوا نفوسهم بالغيرة والشوق الجديد، إذا ما قيل هذا، فتقول لهم: إن ما يسرده قواد الجيوش فى خطبهم من الأدلة وما يستندون إليه من النقاط والحجج والمسائل ليست خالية من النفع والفائدة، ولكن أليست هذه الأدلة التى يأتون بها تذكر بالنعم الإلهية التى بشرت بها الأحاديث الشريفة؟ وإذا اشتملت هذه الخطب لبعض درجات الوعود وإذا ما تحققت مقاصد القواد بحمية الجنود وهممهم وغيرتهم فإذا ما قيل لا يبق لتلك الوعود أى قيمة وكأنها لم تكن فهذا صحيح وهو محقق كذلك.
ولكن هل يقاس منزلة القواد لدى الملوك بالمكانة التى يتمع بها النبى صلى الله عليه وسلم عند الله سبحانه وتعالى؟
وهل يتصور قائد لم يكذب على الأقل مرة واحدة؟ وأين هو ذلك القائد الذى قدم جنده على نفسه؟! ومع هذا فمن المحقق أن الملوك يلون بدون تردد شكر قوادهم وشكاياتهم فى أثناء الحرب، وعندما يساق الجنود لإنقاذ شرف الدولة والمحافظة عليها، وليس فقط فى مثل هذه النقاط المهمة حتى الآن يقبل شكر القواد وشكاياتهم ولا يرد.
وبما أن الأقوال الصادرة من فم النبى صلى الله عليه وسلم المحسن تقترن بالوحى الإلهى، فالأحاديث الشريفة مهما كان موضوعها ومحتواها فيجب أن يبعد عن الذهن عدم صحتها، أعاذنا الله تعالى من مثل هذه الأمور؛ فالذين يتخيلون مثل ذلك يقتضى عليهم أن يصححوا عقائدهم وأن يجددوا إيمانهم. انتهى.
قد حدث ذات يوم أن قام بعض الأفراد من قبيلة بنى الحارث بالتظاهر بالمرض والضعف وقالوا إنهم فى غاية الضعف والتعب من جراء مرض الحمى، فنالوا شرف المثول بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم، فأخذ كاشف الغمة «عليه السلام والتحية» بعضا من التراب من مكان يقال له حصيب ووضعه فى مقدار من الماء ثم قال لهم فليتفل واحد منكم وينفخ فى هذا الماء قائلا: «بسم الله من تراب أرضنا، بريق