للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادى فأكثر أراضيه مستنقعات يرى فى هذا التراب مواد نباتية وحيوانية بوفرة! وحينما ينزل المطر وينخل تراب تلك الأراضى المذكورة يشتد تأثير تلك المواد النباتية والحيوانية الطبيعية، وإذا ما نزل المطر لفترة يومين بعد جفاف دام فترة ما، يجدد المطر وينبه الطاعون الذى قل أو نمى كليا.

ومع ذلك فطبيعة السم والأسباب الأخرى للمرض مجهولة إلا أن لإقامة الناس فى الأراضى الزراعية مزدحمين غير مهتمين بالنظافة دخل كبير فى تولد علة الطاعون ومن البواعث التى تنضم إلى المؤثرات الإقليمية التى تولد الطاعون هى عدم الاهتمام بالطهارة والنظافة وعدم الاعتدال فى الشرب والأكل بين الزوار الذين يجتمعون محتشدين فى مصب نهر «غنج» وفى موقع يطلق عليه «جمته» (١).

ومع هذا ليس من الجائز أن نحكم أن المرض مربوط‍ بالأراضى ذات الطبيعة المعينة والأراضى الزراعية نظرا لوجود المرض الدائم فيها، وأن كل هذه الأسباب العديدة سبب يولد مرض، لأنه قد تحقق وجود المرض كمرض محلى فى الأماكن الأخرى من الأراضى الهندية حيث لا يزدحم الزوار والناس.

يطلق على المجتمعين من الهنود فى مصب نهر «غنج» وموقع «جمنة» حجاج، ولما ثبت يقينا ظهور الطاعون بينهم فتعبير «يظهر الطاعون فى الحجاج» نشأ من هنا وبهذه القرينة قد أطلق على البلاد الحجازية المباركة «مولد الطاعون».

فالذين يتذكرون بعد المسافة بين نهر غنج والبلاد الحجازية والذين يعرفون أن مدينة الله آباد (٢) حيث يلتقى النهر المذكور بنهر جمنة تبعد عن ميناء «جدة» ألف وخمسين ميلا جغرافيا فمن المحال ألا يعتقدون أن ما يدعيه أطباء أوربا ما هو إلا وهم مطلق ومن هنا لزم مد القراء ببعض المعلومات عن ذلك النهر المذكور، إن نهر «غنج» على وزن «كنج» نهر يستغنى عن تعريفه لدى أربابه، ينبع من جبال


(١) إن هذه الأماكن بسبب رطوبة المجرى تظل فى حالة المستنقعات.
(٢) تقع مدينة الله آباد فى الجهة الغربية الشمالية من مدينة «قالكوته» وعلى بعد ٤٧٠ ميلا منها وعلى ٢٨ درجة طولية شرقية و ٢٥ درجة وعلى ٤٥ دقيقة فى العرض الشمالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>