كان جرهم الثانى أخا يعرب بن قحطان. وبينما كان يعرب ملك ممالك اليمن هاجر الثانى مع ابن عمه قورا آخذا معه أولاده وأتباعه إلى مكة المكرمة، وسكن فى تلك الأماكن المقدسة ثم كون سلطنة، وحكم فترة غير قليلة.
وعدد ملوك جرهم الذين حكموا فى الحجاز أربعة عشر ملكا، وكانت دار ملكهم مكة المكرمة. وانتقلت حكومة بيت العزة من الجراهمة إلى بنى خزاعة.
وخرج أجداد خزاعة الذين استولوا على الحجاز فى رفقة قبيلة أزد من اليمن إلى مكة المعظمة، وتوارثوا حكومة مكة كابرا عن كابر، وبلغوا بقوتهم وقدرتهم إلى درجة الكمال. ولكن قصى بن كلاب من سلالة إسماعيل-عليه السلام- الطاهرة ورئيس قبيلة قريش وحد بين القبائل القرشية، وبهذا استطاع أن يطرد بنى خزاعة من مكة المكرمة، وقضى على قوتهم وقدرتهم وخرب دولتهم.
وكان قصى بن كلاب من الحكام الذين حكموا من قبيلة قريش مكة المكرمة وهو جد النبى صلى الله عليه وسلّم الأعلى، وانتقل الحكم بعده إلى أبنائه الذين أداروا حكم مكة إلى ظهور الإسلام. وبعد وفاة سيف الحميرى-أى بعد انقراض طبقة ملوك العرب العاربة-انتقلت قطعة اليمن لإدارة قيصر الروم فى القسطنطينية، وطلب قيصر الروم وأتباعه الحبش آن يحملوا على اليمن بجيوشهم، وهكذا انتقل حكم اليمن إلى الحبش وبعد ما استولى الأحباش بعون قيصر الروم بالقسطنطينية على اليمن، وحضر موت طمعوا فى الاستيلاء على بلاد الحجاز وساقوا جيشا كبيرا فى زمان جد النبى صلى الله عليه وسلّم عبد المطلب بن هاشم إلى مكة المعظمة، إلا أن الله -سبحانه وتعالى-أبادهم بواسطة طير أبابيل.
ولم يبق لملوك العرب بعد سيف الحميرى نفوذ فى جزيرة العرب. وإن كان للبدو الذين ينتقلون فى الصحارى والجبال أمراء من أبناء قحطان وحمير إلا أن حكم هؤلاء الأمراء لم يكن يتعدى حدود أفراد قبائلهم. مثل شيوخ القبائل البدوية الذين يحكمون الآن.