وقد حفرت آبار فى مكان يسمى (سرورية) على بعد ثلاث ساعات من جدة لتجلب منها المياه عند ما تقل، وإن كانت مياه هذه الآبار قابلة للشرب إلا أنها ليست عذبة كمياه الأمطار لأنها مختلطة بمياه السيول والبحر. ويجب أن تشرب تلك المياه وهى جديدة، فإذا ما حفظت ليلة فى الأوانى أو القرب تتعفن. وقد صنعت قرب صغيرة حتى يحولوا دون تعفن المياه، ودهنوا داخل القرب وخارجها بالشحم الداخلى للحيوانات، ومن الصعب للذين لم يتعودوا شرب المياه المختلطة بالشحوم شرب هذه المياه المجلوبة من الآبار.
ولما كانت هناك مياه جارية فى قرية (وادى فاطمة) التى تقع بين سلسلة الجبال التى على بعد ست أو سبع ساعات من شرق مدينة جدة وفى خارج مكة على بعد ست ساعات شمالا، وهذه القرية تبعد تسع ساعات من جدة فى جهتها الشرقية، ولما كان سطح هذه القرية مرتفعا عن سطح أراضى جدة فمن السهل إجراء المياه من هذه القرية إلى جدة، ولا سيما بعد ما زادت أهمية ميناء جدة بعد حفر قناة السويس وازدحم بالسفن الآتية من جميع الجهات وزادت حاجة جدة إلى مياه عذبة حتى يستريح أهاليها من مشقة قلة المياه، من هنا فإنقاذ سكان جدة والحجاج المسلمين والذين يمرون بها من غائلة قحط المياه منتظر من ألطاف السلطان اللامتنهاهية المأمولة.
يروون أن فى داخل المدينة ماء مجلوب قديما، إلا أنه لا يعرف إذا كان هذا الماء جلب من قبل أصحاب الخير أو من قبل الحكومة؟!
بناء على قول أن الذى جلب هذا الماء هو الصدر الأعظم قارا مصطفى باشا سنة ألف وخمسين، ولكن حينما وصل مجراه خارج المدينة ارتحل عن دنيانا، ولم يقدر له أن يجرى الماء فى داخل المدينة.
وقد فهم من الكشوف التى أجريت فى العام الماضى أن منبع ذلك الماء بعيد عن جدة ساعتين أو ثلاث، وخرب مجراه بمرور الزمن وامتلأ بالحصى والتراب.
إن تعمير هذا المجرى وتطهيره لا يحتاج إلا لأربعة آلاف أو خمسة آلاف