فى الضيف ولم يكن يعرف أنه يريد أن يسدى له معروفا؛ لذا قال له «يا أيها الشيخ ما أعجب هذه الحالة» فرد عليه الشيخ قائلا: هذه خصلة جليلة تفرق وتميز بين الحق والباطل وغرضى أن أعلمك مقابل ما قدمته لى من معروف فلتعلم أننى قرأت على السكين عبارة كذا وبعد هذا كل من يراجعك لحل موضوع ما فسخن سكينا حتى الاحمرار ثم اقرأ عليه العبارة التى علمتك إياها واجعل المدعى عليه يلحس هذا السكين! إذا كان الشئ الذى أسند إليه كذبا وبهتانا وافتراء فلا تؤثر سخونة السكين وشدة حرارته فيه، وإذا لم يكن بهتانا يحترق لسان الرجل» وأعطى له إذنا بأن يمارس هذا العمل كما رأى منه ليترافع عن الناس، ثم لقنه هذه التعليمات قائلا «بعد هذا سيراجعك الناس من جميع الجهات يجب عليك ألا تنحرف عن طريق الحق فى إحقاق الحق والتمييز عن الباطل ويجب عليك أن تحقق وتستفسر عن المراجعين أولا عن الموضوع الذى يراجعونك لأجله، إذا كان شيئا مهما خذ المدعى عليه فى مكان خال وحاول بعبارات ملائمة أن ينهى الموضوع صلحا وأن يسكت خصمه بإعطائه بعض الأشياء وبعد ما تأخذ منه وعدا بذلك الصلح بينهما حسب العهد الذى قرره على نفسه. وإذا ما امتنع المدعى عليه عن الإقرار بما هو واقع ففى هذه الحالة يقبل منه المدعى مقدارا من المال مقابل الجناية التى ارتكبها واطلب كفيلا يضمن ذلك وإذا ما أعطى كفيلا تباشر العملية وفصل الدعوى وفق قانون ما بشرط أن يعطى لك عشر المال أو الأشياء التى يدور عليها القضية، وهكذا علم الشيخ خواص هذه الحالة ثم فارقه مودعا.
وأخذ صاحب البيت يمارس علمه وفق ما تلى من ضيفه من تعليمات ويفصل بين المتخاصمين ولما سر منها المتخاصمون اشتهر اسمه بين العربان وظل اسمه بعد ذلك ملحسا.
بعد هذه الواقعة اضطر الذين يعجزون عن إثبات شئ ينكره فاعله لمحاكمة الملحس للفصل بين الحق والباطل والتمييز بينهما، ويراعى الآن جميع القبائل وأهل العراق البدوى الملحس ليعرفوا أن المتهم بالقتل أو جنايات أخرى برئ