وقد التحم جند الطرفين فى القتال فى موقع «فاضح» سالف الذكر وفى النهاية قتل سميدع، وتعرض أفراد عشيرة «قطورا» للإذلال والإهانة كما أنهم لم يستطيعوا حماية رئيسهم لذلك سمى ذلك المكان «فضيح» لأنهم فضحوا بين العرب.
وعند ما تشتت شمل جماعة «قطورا» أرسلوا رجلا إلى مضاض بن عمرو وطلبوا الصلح.
فقرر أن ينتخب رجالا ذوى ثقة من الجانبين ليحددوا شروط الصلح وأرسلوا إلى مكان يسمى «مطابخ»(١).
وبعد أن تداول هؤلاء المبعوثون شروط الصلح وتشاوروا لمدة طويلة، تقرر إسناد أمر إدارة الطرفين إلى عمرو بن جرهم.
فرح عمرو الجرهمى بهذا القرار، واستدعى جند الطرفين إلى الوادى المسمى «مطابخ» وأقام لهم جميعا مأدبة كبيرة.
وأول حرب وقعت فى المدينة المقدسة مكة الفخمة هى حرب مضاض بن عمرو وأول من قتل فيها هو رأس عشيرة قطورا.
وبالتدريج قوى نظام الحكومة المستقلة التى تشكلت بحكمة مضاض بن عمرو وزادت مكانتها. وتكاثر أبناء وأحفاد قبائل الجراهمة التى كانت ترعى بنى إسماعيل وتحترمهم، لهذا اكتسبت حكومة مكة المكرمة قوة واسعة فى وقت قصير، وأصبح رؤساؤها من الملوك أصحاب الصولات فى ذلك العصر.
ورغم هذا لم تتسع أرض مكة الله المقدسة بالقدر الذى يليق لاستيعاب أهلها، ولهذا اضطرت القبائل للجلاء عن موطنها وانتشرت جماعات فى أطراف الممالك وبسبب صلة النسب، أظهر الجراهمة الرعاية والاحترام إلى أحفاد بنى إسماعيل،
(١) مطابخ: مكان واسع فى أعلى مكة المعظمة وسبب تسميتها أنه تم فى هذا المكان طهى طعام المأدبة التى أقامها مضاض بن عمرو الجرهمى للجند.