للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم كنت أجلس بجوار الصنم وقد ذبحت عجلا قربانا إلى أحد الآلهة التى كنا نعبدها فى الجاهلية، فخرج من جوفه صوت رقيق يثير الشوق وقال: أيها الشيخ أعلن بلسانك الفصيح صحة أمر لا إله إلا الله، وانشره بين الناس.

وقال «جبير بن مطعم» أيضا أن أباه سمع بعض الكلمات من أحد الأصنام التى يعبدها. قال مطعم حسب ما يرويه ابنه وينقله: كنت جالسا يوما فى بيت الأصنام إذ تكلم الصنم الذى كنت جالسا بجانبه، فقال: استمع إلى ما يثير عجبى استمع إلى تخمين حان وقته سيظهر من العرب رسول من سلالة هاشم بن عبد مناف. إن مسقط‍ رأسه سيكون مكة المكرمة ومهجره سيكون المدينة المنورة.

وبعد أن قص سيدنا جبير هذه الحكاية التى سمعها أبوه من الصنم المذكور، أضاف أنها قد حدثت قبل البعثة المحمدية-عليه وعلى آله أفضل التحية-بفترة طويلة.

ومن الصحابة الكرام الذين أسلموا بإغراء من الجن هو «تميم الدارى» (١) قال:

حضرة تميم وهو يعرفنا بسبب اعتناقه الإسلام: وأنا فى طريقى إلى الشام ذات يوم-أقبل الليل، فقررت أن أنام فى مكان هادئ فى أحد الوديان، فترجلت من فوق دابتى واتجهت ناحية المكان الذى اخترته، وبعد برهة سمعت هاتفا يقول:

نلجأ إلى الله الواحد، وآمنا مع كوننا من الجن لم نجد أحدا غيره نلوذ به لقد ظهر حضرة رسول الثقلين-صلى الله عليه وسلم-وقد صلينا خلفه فى جبل حجون (٢) بعد أن اتبعناه، قد اعتنقنا الإسلام وآمنا برسالته، فأسلم أنت أيضا حتى تسلم.

وقد سمعت كلاما بهذا المعنى وبادرت فى ترك المكان وذهبت إلى دير أيوب، وحكيت ما سمعته إلى راهب الدير الذى قال: نعم لقد ظهر خير الأنبياء فى الحرم-وسيهاجر إلى الحرم فتوجهت فورا-إذ سمعت هذا الكلام إلى مكة المعظمة فوجدت حضرة النبى صلى الله عليه وسلم واحتميت بدائرة الإسلام المنجية (٣).


(١) دار بن هانى بن حبيب، هو والد بطن من العرب، وهو تميم بن أوس الدارى، من الصحابة الكرام. انظر الإصابة ١٩١/ ١.
(٢) اسم جبل فى مكة المكرمة.
(٣) نقل الإمام الواقدى هذه الرواية عن خالد بن سعيد، وقد نقل هو أيضا عن تميم الدارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>