للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن الإنسان قد تحول إلى لحم وعظم وبشرة بعد أن غابت عنه صورة الماء والطين والتراب، وكما اختلفت أشكال الحيوانات المفترسة والطيور والحيوانات الأخرى، وتشكلت بأشكال متغيرة كذلك زالت من الملائكة والجن والشياطين صورة الهواء، وداخلهم مكون من مصنوعات العالم-جل شأنه-إلى أشكال وهيئات لطيفة خاصة بهم لذا يطلق عليهم المخلوقات الروحانية.

إن المخلوقات الروحانية تتميز بعضها عن بعض بأشكال لطيفة خاصة بكل نوع؛ إلا أنه لا يعرف هيئاتهم إلا خالق العالم-سبحانه وتعالى-إذ يقول:

{وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ} (المدثر:٣١).إن تشكل المخلوقات الروحانية ودخولهم إلى صور متنوعة نستطيع أن نشبهه بتغيير ملابسنا.

وإن هذه المخلوقات الروحانية تمر فى هواء الجو مثل علائم السماء المخضرة المحمرة أو المصفرة أو ألوان أخرى مختلفة. كما أن «عبد الله بن عباس» بينما كان جالسا فى المسجد النبوى الشريف مع والده رأى بمفرده صورة الرسول-صلى الله عليه وسلم -مع جبريل، ولما أخبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-بذلك أخبره أنه سيصيبه العمى ولكنه سيتفقه فى أمور الدين ويتفوق فى التأويل والتفسير.

إن الله-سبحانه وتعالى-قد قدر لهذه المخلوقات أوضاعا تستطيع بها أن تتشكل بصور مختلفة وقت ما تريد مثلما نحن نقدر أن نغير ملابسنا وقتما نشاء تغيير الملابس لنا وتغيير الصور لها. وكل موجود يتصرف بالشكل الذى قدر له فإن ملابسنا الثقيلة تتكون من الصوف والمنسوجات والحرير وملابس المخلوقات الروحانية تتكون من المنسوجات اللطيفة مثل الهواء والأشعة ومع ذلك فأجسام الملائكة والجن أخف من الهواء وأرق منه.

وعند ما يريد الله-سبحانه وتعالى-أن يرى لنا الملائكة والجن يجعل للهواء كيفية خاصة ويأمر الملائكة والجن أن يتشكلوا بالشكل الذى يريدونه فيشاهدهم الناس حينئذ على الشكل الذى تشكلوا به.

قال الله-تعالى-فى حق الملائكة: {وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ} (الأنعام:٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>