أيديهم داعين الله ليزيد الدولة قوة وشوكة، والسلطان جلالا ثم انصرفوا عائدين.
وكان داخل الحرم الشريف والطرق المؤدية إليه قد امتلأت بالحجارة والتراب والقمامة مما جرفه السيل. وفى يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شوال واليوم الثالث من وصول رضوان أغا اجتمع بالشريف مسعود والأشراف والعلماء الأجلاء فى الحرم الشريف وتشاور معهم فى تنظيف ساحة المسجد الحرام وتطهيره مما حل به.
وعرض كل واحد رأيه وكانت خلاصة رأيهم أن تنظيف ساحة الحرم فى مدة قصيرة غير ممكن لأن موسم الحج قد حل بل أخذ الحجاج يفدون إلى مكة المكرمة.
إلا أن رضوان أغا فند رأيهم وتصرف بالشهامة والرجولة وحرص على أن يبعث رجاله إلى المدن والقرى الواقعة بين جدة والمدينة المنورة يستدعون كل من يملك حمارا أو حصانا أو جملا وكل من يريد أن يعمل يغرونهم بالأجر الكبير وهكذا جلب كل هؤلاء إلى مكة المكرمة وشرع فى العمل بهمة عظيمة ووفق فى تنظيف الحرم الشريف وتطهيره فى ظرف عشرين يوما فى يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر ذى القعدة.
إن ما جرفه السيل فى داخل الحرم من الطين الممزوج بالحجارة كان قد تحجر عقب انسحاب السيول بفعل الحرارة الشديدة وكون جبلا فى ارتفاع سبعة أذرع أو ثمانية، واكتسب صلابة بحيث لا ينفذ فيه الفأس أو الإزميل أو المثقاب وحينئذ قد بلل الجبل الترابى بالماء ليلا وفقد صلابته وأخذ العمال يحرثون ذلك الجبل العارض بالفئوس والأزاميل كما تحرث الحقول اللينة.
وكانوا ينخلون التراب المحفور بالغرابيل، وينقلون رمله على حدة إلى موضع وترابه على حدة إلى موضع آخر وجاء فى سجل سهيلى أفندى-رحمه الله- أنهم كانوا يخرجون ثلاثين أو أربعين ألف حمل تراب يوميا.