ونظام العالم الكائن فى محافظة مصر، وقد أرسل إلى سدتى السعيدة وعتبتى العالية وسماء اقتدارى رسالة مضمونها أن مهبط جبريل الأمين ومحل الوحى وتنزيل رب العالمين والذى نال شريف الذكر فى النص الشريف {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ} أن هذا البيت العتيق قد مال بعض أطرافه إلى الركوع مع مرور الأيام وكر الدهور والأعوام وأن قده وقامته مالا للسجود وقد قدر لملوك الأزمنة الماضية وسلاطينها شرف ترميمه وتعميره على قدر إمكاناتهم وفى زمن والدنا الماجد الساكن جنة الفردوس المرحوم والمفغور له - السلطان أحمد خان، أسكنه الله فى أعلى غرف الجنان - زاد ميل جدرانه للركوع ورئى جواز تعميره والترخيص له.
وحينما أراد أن ينال شرف القيام بهذا العمل الجليل القدر ويباشر تجديد بناء البيت وإذا بالشريعة الغراء - التى يجب تعظيمها وإطاعتها - لا تجيز تجديده وتسوغ ترميم جدرانها السعيدة وأركانها الركينة فقام به بعد هذا العمل مبعث فخره ومباهاته.
بينما كانت الحالة على هذه الصورة ساق الله - سبحانه وتعالى - الفعال لما يريد - فى هذا العام العميم الميمنة - أمطارا غزيرة على مكة المكرمة وأطرافها فتكونت السيول واقتحمت حرم بيت الله وحينئذ قد حان لنا أن نفتخر بخطاب الله الجليل {وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ}(البقرة: ١٢٥)، والقيام بخدمة التجديد مما يبعثنا على الفخر {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ}(البقرة: ١٢٧) وقد أحسن الله - سبحانه - وتعالى إلينا - إذ شرفنا بهذه الخدمة الجليلة والشرف العظيم اللذين لم ينل أحد من آبائى الكرام العظام من قبل مثلهما.
والآن - بعد الشكر على هذه النعمة - قد صدر أمرنا إلى وزيرنا المشار إليه فى محافظة مصر بأن مقدارا كافيا من أموال خراج أقباط مصر المحروسة والمال الحلال يكفى جدران البيت وتثبيت أساسه وأن يختار رجلا مستقيم السيرة