للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسط الكعبة مطلوبا ما تركه - عليه الصلاة والسلام، بل المنقول عنه - صلّى الله عليه وسلّم - وعن من بعده إنما هو مزيد التواضع والخشية والافتقار والصلاة والدعاء والاستغفار عند دخوله فيها، ولذلك حذر علماءنا - رضى الله عنهم - من الزيادة على صلاة ركعتين فيها إذا كان خشوعا وخضوعا متوفرا، وإلا فالأولى أسرع الخروج منها. وقالوا ليس من الأدب أن يرفع الداخل بصره إلى سقفها لقول عائشة - رضى الله عنها - كما رواه البيهقى: «عجبا لمن دخل الكعبة كيف يفعل - أى يرفع بصره - ليدعه إجلالا لله وإعظاما، دخل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها» (١).

وقال الإمام أبو على الزعفرانى من أعظم أئمتنا: من أحب دخوله إلى البيت فليدخل بصدق إخلاص محبته لله تعالى وتعظيما له بالخشوع والاستكانة والخضوع خائفا راغبا راهبا ذاكرا مستغفرا داعيا متضرّعا إذا علمت ذلك وأن المعروف من حال النبى - صلّى الله عليه وسلّم - وأحوال من بعده عند الدخول فيها ما ذكر، ونظرت فى قول النبى - صلّى الله عليه وسلّم - «من أحدث - أى ابتدع أىّ شئ واخترعه من قبل نفسه - فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو (٢) رد» أى مردود على فاعله لبطلانه وعدم الاعتداد به.

وقوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من المهتدين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والمحدثات فإن كل محدثة بدعة» (٣)، وقول إمامنا الشافعى - رضى الله عنه -: من أحدث وخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا فهو البدعة المذمومة، وفعل هذا الشخص المذكور لما ذكر على الوجه المذكور بدعة قبيحة شنيعة وتجرؤ منه على بيت الله - تعالى - لما فيه من هتك حرمته


(١) أخرجه الحاكم فى المستدرك على الصحيحين، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. أنظر: إعلام الساجد ص ١٠٥.
(٢) مسند أحمد ٢٤٠/ ٦، ٢٧٠. وغيرهما.
(٣) طرف من حديث رواه الترمذى وأبو داود، أنظر: حياة الصحابة ٥/ ١. سنن أبى داود ٢٠٠/ ٤ - ٢٠١، مسند الإمام أحمد ١٢٦/ ٤ - ١٢٧. وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>