وبعد عودة الأمير مقبل بسنة بعث الملك المظفر من ملوك اليمن المنقرضة مبلغا من المال مع رسوله الخاص، ورجا أن يعمر ويصلح ما يقتضي الأمر إصلاحه من مواقع الحرم الشريف. واتصل الرسول بوالي مكة المعظمة واستصدر إذنا من الحكومة المصرية بواسطة الوالي للقيام بمهمته، ولما كان سطح كعبة الله في حاجة إلى التعمير والإصلاح؛ فعمر قطع رخام السطح وأصلحها ثم سجل ما قام به على لوحة رخامية وألصقها على الجدار الغربي للكعبة المعظمة في سنة ٨٢٦.
وظلت كعبة الله والمسجد الحرام على حالهما بعد إصلاح الأمير مقبل ثمانية عشر عاما ولم يظهر فيهما ما يوجب إصلاحهما شرعا؛ إلا أن الحال لم يستمر طويلا بعد ذلك واحتاجت بعض أماكن البقعة المقدسة للتعمير بل وصل هذا إلى درجة الوجوب، فأرسل الملك جاقمق العلائي من ملوك الشراكسة في مصر الأمير سودون محمد من أمراء مصر لتعمير قطع الرخام التي فوق سطح كعبة الله وما يقتضي الأمر تعميره من الحرم الشريف وذلك في سنة (٨٤٣) ولما وصل (سودون محمد) إلى مكة المعظمة بدل رخام سطح الكعبة الشريف كما غير الألواح الخشبية التي لم تعد صالحة في السقف العالي لكعبة الله، ثم عمر وشيد المآذن التي آلت للسقوط، ثم خلع كسوة الكعبة الشريفة ووضعها في داخل البيت الحرام. ثم أصلح وسوى الجدران الخارجية لبيت الله بطريقة جيدة خلال يومين، وجدد قطع رخام الحطيم الكريم كما جدد باب المعلى لكعبة الله وجميع الأماكن المحتاجة للتعمير من الحرم الشريف السقوف والرفوف، ثم عمر قباب مقام إبراهيم والمقام الحنفي وباب زيادة إبراهيم وطهرها، وركب في المحل الكائن في شارع المسعى الشريف والملاصق لدار العباس وفي مقابل بازان ميلين أخضرين ومع هذين الميلين علق فوق كمري الصفا والمروة قنديلين، وبهذا أنار شارع المسعى الشريف وزينه ثم عمر ورمم جميع المساجد النبوية التي في طريق عرفات الذي يبدأ من مقبرة المعلا وينتهي عند جبل الرحمة، وطهر طريق عرفات بأن قطع الأشجار والأشواك التي في حذاء طريق المأزمين؛ وهكذا أنقذ الحجاج