كانت قلة سبل الماء فى داخل مدينة مكة المكرمة تسبب كثيرا من الضيق والمشقة عندما كانت المدينة تزدحم بالحجاج فى موسم الحج، وكان أولو الأمر يتعرضون لكثير من المشاق والتعب لدفع ما يحدث من الشرور لقلة المياه. وأراد ناظر الحرم الشريف الشيخ بيرام إنقاذ الحجاج من العطش لقلة المياه، وفى نفس الوقت أراد أن يوفر المياه فى مكة المكرمة فأنشأ سبيلا فى حى المعلى وعدة أحواض متينة فى ساحة عرفات وملأها بالمياه، فروى عطاش المؤمنين فى سنة (٨٥٣) ومع مرور الوقت خرب السبيل والأحواض التى أنشأها الشيخ بيرام، وابتلى الناس مرة أخرى وقوافل الحجاج بالعطش فقامت (مهر وماه سلطان) زوجة فاتح اليمن رستم باشا بإنفاق أموال طائلة، وعمرت ذلك السبيل والأحواض المذكورة سنة (٩٦٧) كما أنشأت كثيرا من السبل فى داخل مكة المكرمة فأراحت سكان بلدة الله كما سبق ذكره فى صورة إحياء عين زبيدة بالتفصيل، وبعد سنتين من إتمام إنشاء الحوض المذكور أصلح الشيخ بيرام ورمم بعض الأماكن، فأصلح ونظف بعد ذلك بأربع سنوات بناء على الأمر الذى تلقاه من الحكومة المصرية الأحواض التى فى ساحة عرفات والتى امتلأت بالطين والتراب، كما طهر مجرى عين حنين وعمر مسجد (١) نمرة ومسجد الخيف المباركين، كما أصلح سلسلة عقود السبعة أروقة التى آلت للسقوط والكائنة فى الجهة الشمالية من المسجد الحرام وجدار المسجد الحرام وفى الجهة الشرقية مقابل تكية السلطان قايتباى، وجدد دور خلوة الشيخ عفيف الدين بن أسد اليافعى والشيخ جمال الدين محمد بن إبراهيم المرشد بعد أن بدل شبكاتها فى سنة (٨٥٦)، وقد أرسل الملك الظاهر بعد تسعة أعوام كسوة مزينة غالية، وقد صنعت أطرافها التى تقابل الجهة الشرقية والشمالية من بيت الله الحرام من الحرير الأبيض، وزخرفت كل جهاتها بالخيوط الذهبية وعلقت على الكعبة يوم وصولها فى سنة (٨٦٥).
(١) نمرة اسم مكان فى عرفات أو اسم جبل الأميال الحديدية التى تحدد حدود الحرم فوق هذا الجبل، ويقع على يمين طريق المتوجهين من المأزمين إلى عرفات والمسجد اللطيف الذى يطلق عليه مسجد النمرة يقع فى هذا الموضع، ويقيم الحجاج صلواتهم فى هذا المسجد فى أيام عرفة.