بعد أن فرغ الأمير مصلح الدين من تعمير وترميم المقام الشريف وغيره من الأبنية مضى إلى المدينة المنورة وأخذ فى إحصاء عدد السكان ثم وزع ألفى أردب من الغلال السالفة الذكر على أربعة آلاف نسمة من السكان الذين قيدهم فى سجلاته عقب الإحصاء، وهكذا استجلب الدعوات الخيرة للسلطان العالى الشأن وذلك فى سنة (٩٢٣) وإن كان ما وزعه الأمير مصلح الدين من الغلال فى سنة (٩٢٣) كفى أهالى الحرمين الكرام فى ذلك الوقت إلا أن عدد سكان الحرمين زاد عاما بعد عام، وأصبحت المرتبات الحجازية لا تفى بحاجة الناس؛ لذا أوصل السلطان فى عام ٩٢٦ العطايا إلى حد الكفاية.
واعتاد أن يرسل المخصصات بواسطة مصلحة الصرة، وإلى الآن ترسل المخصصات بهذه الصورة وتوزع كل سنة على سكان مكة أمام البيت الشريف بحيث يعود الذين استلموا عطاياهم المخصوصة فرحين مسرورين داعين لسلطان الزمان العثمانى وأهله بطول بقاء دولتهم عليهم الرحمة والرضوان، قد سددوا ديونهم التى تراكمت خلال السنة الحالية.
إن ما يطلق عليه الصدقات الرومية من هذه المبالغ هى قوام حياة أهالى الحرمين الشريفين لم يكن يرسل على عهد الملوك القدامى سواء من قبل ملوك الشراكسة أو الخلفاء العباسيين أو أسلاف السلاطين العثمانيين على هذا النحو، ولم يوفق أحدهم إلى مثل ما بعث السلطان سليمان.
والصدقات التى كانت تخصص فى عهد السلطان سليمان، لأى واحد كانت تؤول إلى أولاده بعد مماته، وإذا كان المتوفى بدون وارث كانت هذه الصدقات تعطى لأحد الفقراء المحتاجين.
وكان فى مكة المكرمة مخازن خاصة لوضع وحفظ الغلال التى ترد تباعا، وعندما ترد تلك الغلال كانت تحفظ فى تلك المخازن، وكان فى بعض حجرات مدرسة الشريف عجلان بالقرب من باب العجلة أى فى داخل الحرم الشريف مصلحة فى مديرية الحرم الشريف وهى التى تعطى إيصالات الاستحقاقات