إن هذين السيفين المخترعين لم يكن للعرب عهد بصنعهما، لذا زادت فى عيون شجعان العرب الذين يفتخرون بعمل أجمل الأسلحة.
وعد إهداؤهما إلى الكعبة تضحية عظيمة من قبل كلاب بن مرة، ومن أجل ذلك علت مكانته فوق صناديد العرب والأشراف. وإن لم يقدم بعد كلاب بن مرة إلى عصر عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف هدية إلى الكعبة، إلا أن عبد المطلب بن هاشم حينما أخرج من بئر زمزم الغزالتين الذهبيتين وسيفا ثمينا مرصعا وكثيرا من الذهب أهداها كلها إلى الكعبة المعظمة محبة لها، وكانت الغزالتان هما اللتان أهداهما ساسان بن إسفنديار إلى الكعبة كما سبق ذكره.
وأول من زين بيت الله فى الدولة الإسلامية هو عمر الفاروق، وبعده عبد الله بن الزبير وقد علق عمر الفاروق ما اغتنمه فى أثناء فتح المدائن من هلالين ذهبيين في داخل كعبة الله، كما كسا عبد الله بن الزبير أساطين الكعبة بصفائح من ذهب، وجعل مفتاح الكعبة من الذهب الخالص.
وقد أهدت مارية بنت أرقم من بنات ملوك بنى حنيفة زوجا من القرط الغالى النفيس، وكان هذا القرط من در نادر من حجم بيضة الحمامة، ويساويان أربعين ألف دينار تقريبا، وبما أن أحدهما كان لا نظير له سميت صاحبته بذات القرطين.
وقد انتقل هذان القرطان فيما بعد إلى أيدى الملوك، حتى انتهى الأمر إلى عبد الملك بن مروان الأموى وعندما زوج ابنته فاطمة من عمر بن عبد العزيز أعطاها هذين القرطين. وأخذ عمر بن عبد العزيز فى عهد خلافته هذين القرطين ووضعهما فى خزينة الدولة.
ولما توفى عمر بن عبد العزيز وتولى السلطة يزيد بن عبد الملك، أخذ القرط ورده إلى أخته فاطمة، إلا أنها لم تقبله، وعندئذ أهدى يزيد القرط إلى زوجته ولا يعرف بعد ذلك إلى أين انتقل ذلك القرط ومن الذى امتلكه.
وقد بين «الإمام تقى الدين» من مؤرخى الكعبة الأوائل كيف زين كلاب بن مرة الكعبة معلقا سيفا محلى. ثم ذكر ناقلا من تاريخ الإمام الأزرقى أسماء الذين قدموا أشياء ثمينة متنوعة لتلك البقعة المقدسة واحدا تلو الآخر.