وذهب فيما بعد أحد مشايخ بنى الزبير ورجا أن تجعل خدمة السقاية فيهم بالأصالة، ولما حصل على الإذن بذلك أصبحت السلالة التى تنتهى إلى عبد الله بن الزبير تقوم بخدمة السقاية الكريمة.
وقد أديرت خدمة السقاية عدة عصور كما شرحنا من قبل إلا أنه مع كثرة الحجاج وزيادة السكان أصبح حصر هذه الخدمة كما كان فى عهد بنى عباس، أو فى عهد شيخ زمزم من أبناء وأولاد الزبير بن العوام، فى شخص واحد غير ممكن لإرواء الحجاج والأهالى، ولذلك اتخذ من قبل شيخ السقاية فى كل ركن من أركان الحرم الشريف سقاء لإرواء الموجودين، ولكن بعد عصر من الزمن رئى أن هذا النظام أيضا لا يكفى لإرواء آلاف الحجاج والأهالى، فزيد من عدد السقائين. حتى لا يتعرض الحجاج المسلمون لبلوى العطش، وحتى يجد بعض الفقراء وسيلة لكسب مصادر الرزق، فقد عين لحجاج كل ولاية من الولايات الإسلامية سقاء، وجعل هؤلاء السقاءون تحت رياسة الشخص الذى تعهد بالقيام بمهمة السقاية من المشايخ الزبيرية، والآن كل بلد إسلامى له سقاء معروف، وكل واحد من هؤلاء مكلف بحسن معاملة الحجاج الذين يتبعون له. كما أن حجاج ذلك البلد يلجأون إلى السقاء الذى عيّن لهم فى أمور السقاية، وهكذا استراح الحجاج من مشكلة السقاية، كما أن كثيرا من أهل مكة وجدوا مصادر رزق فعاشوا فى رفاهية.
ولكل سقاء الآن فى كل سنة خمسة أو عشرة وأحيانا عشرون وثلاثون أو أكثر من الحجاج، يأتون إلى مكة ويذهبون. ولما كان كل سقاء يقوم بإقامة وليمة حسب حاله مرة لحجاجه الجدد لأجل ذلك يطيب الحجاج خواطر السقائين بإعطائهم بعض النقود عند وصولهم إلى مكة، وعند حلول عيد الأضحى، كما أن كل حاج يحاول أن يرضى سقاءه عند عودته إلى بلاده، كما أنهم يساهمون فى تسهيل معيشة أسرة السقاء بإعطائه بعض النقود كل أسبوع.