الماء التى يطلق عليها الزورق بحبر لا يمحى ويتركونها لسقائيهم. وعندما تصل الرسائل التى اعتاد إرسالها أصحاب الزوارق يملئون هذه الزوارق بماء زمزم ويصفونها على الساحة الرملية فى الحرم الشريف، ويغطونها بالحصر فيبرد الماء فى داخلها غاية البرودة وعندما تحل أوقات الصلاة يوزعون الزوارق على الحجاج الكرام.
إن خدمة السقاية المباركة تدار الآن بالطريقة التى ذكرت، يعنى يملئون زوارقهم بماء زمزم، ويأخذون بعضها إلى غرف الحجاج كما يبردون كثيرا من الزوارق فى الحرم لسقى الحجاج، ولما كانت سقاية الحجاج إلى الآن فى أيدى المشايخ الزبيريين فأبنية بئر زمزم وأبوابها تفتح من قبل واحد منهم كما أن أحدهم يطلق عليه اسم شيخ زمزم ورئيسه. ولما كان الإشراف على المؤذنين ورئاستهم فى يد المؤذن الشافعى فشيخ زمزم هو الذى يتولى هذا الأمر، ولما كان أول من يبدأ بأداء صلوات الفجر أئمة المذهب الشافعى فشيخ بئر زمزم يغلق باب بئر زمزم كل ليلة، ويفتحه كل صباح فى الوقت الذى اعتاد فتحه، وبهذا يعلن لسقاة الحرم الشريف أن الوقت قد حان للحصول على ماء زمزم، والشيخ الذى يتولى مهمة السقاية يأخذ من بئر زمزم عدة أوان من الماء قبل أن يفتحه للآخرين لشربه، أو لتقديمه لأصحابه، ولما كان هذا الماء زبدة ماء زمزم فطعمه لذيذ جدا ولونه لامع وصاف ولا يشبه ماء زمزم الذى يأخذه السقاة، وليكن فى علم الشاربين أن ماء زمزم كفاية عن خلاصة قطرة واحدة لماء عين تسنيم، وماء الكوثر، ماء الحياة الذى هو زبدة خالصة ومن هنا يستحق أن يطلق عليه الزبدة.
ولما كان الشراب من زبدة ماء زمزم يفيد فى تصفية الدم ولإدامة صحة الإنسان عامة فمن يريد أن يشرب من هذا الماء يجب عليه أن يحل عند شيخ زمزم.
شيخ زمزم فى عصرنا هذا هو الشيخ عبد الله (١) بن على بن محمد بن عبد
(١) ساق المؤلف نسبا طويلا للشيخ عبد الله هذا ينتهى به إلى سيدنا عبد الله بن الزبير (رضى الله عنه) إلا أن البادى عليه شدة الاضطراب فاختصرنا العبارة كما هنا.