زيت الزيتون؛ لذلك يختلف طعم ماء زمزم الذى يؤخذ صباحا. إن هذا التوجيه الوجيه غير قابل للاعتراض؛ لأنها خاصية ينفرد بها ماء زمزم عن المياه الأخرى مهما كانت لطيفة خفيفة لا يمكن منعها من الامتزاج.
فإذا ما أضيف قدح ماء مر إلى قدحين أو ثلاثة أقداح ماء حلو فيفسد طعم الماء الحلو، ومهما ترك من الوقت فالماء الحلو لا يطفح فوق الماء ويسترد لذته الأولى.
إن بئر زمزم الشريف يقع فى مواجهة باب كعبة الله المعظمة، وفى داخل مبانى حجرته (١) ولمبانيها ثلاث نوافذ مقابل باب كعبة الله. وينظر باب إلى الجهة الشرقية وفوقها خاص بمؤذنى الشافعية. ولا سيما شيخ زمزم أى الخاص برؤساء مؤذنى الشافعية. ومن هنا ينبه لأداء أذان صلوات الأوقات الخمسة.
لم يكن فى الأزمنة الأولى سور لفتحة بئر زمزم، وكان يحيط بها سور منخفض. وحدث فى عهد أبى جعفر المنصور من خلفاء بغداد أن سقط أحد الناس قضاء فى داخله، وحتى يمنع وقوع مثل هذه الحوادث قرر أن يبنى على فتحتها سورا بناء على الأمر الوارد من الخليفة. وبعد البحث والتحرى وجدوا حجرا فى ارتفاع ٦ أقدام و ٣ بوصات واستدارة قطره ٢٥ قدم فثقبوا وسطه ووضعوه فى فتحة البئر.
ثم أحاطوه دائرا ما دار بشبكة حديدية، ومع ذلك بعض العشاق وأصحاب الشوق كانوا يرمون أنفسهم فى البئر ويغرقون، ولما أطلع السلطان أحمد خان الأول على هذا الأمر أراد أن يحول دون أن يقتل الناس أنفسهم، فأمر بصنع شبكة حديدية فى إستانبول وأرسلها إلى مكة المكرمة فى سنة (١٠٢٤ هـ) فأنزلت تلك الشبكة إلى البئر وربطت بسلاسل حديدية تحت الماء بعدة أذرع. ولله الحمد لم تقع بعد ذلك حوادث محزنة مثل ما حدث.
(١) وقد جدد السلطان مراد خان الثالث هذه الأبنية فى سنة ٩٨٥ هـ. كما أن السلطان مراد خان الرابع قد غير بابها وجدد طلاءها الداخلى فى سنة ١٠٤٣ هـ.