للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانا للإقامة والاستراحة، وأداء العبادات والطاعات داخل دائرة الفيوض الباهرة لحرم المسجد الحرام، ولكن عند حلول موسم الحج ومع تدفق وفود الحجيج من البر والبحر، يرى أنهم يجدون أماكن للراحة والإقامة فى بيوت الأحياء ويقيمون الصلاة بلا عناء فى كل أرجاء الحرم الشريف، ويطوفون حول كعبة الله المقدسة فى جماعات كبيرة ويعبدون الله خفى الألطاف، أدرك أنه كلما ازداد زوار تلك البلدة النادرة اتسع الحرم الشريف حسب الحاجة.

ومهما زاد عدد الحجاج فلا يبقى فى مكة المفخمة شخص واحد يبيت فى العراء، والحجيج يستطيعون أن يؤدوا العبادات فى حرية تامة وراحة كاملة داخل حرم بيت الله الموقر مثلهم مثل السكان والمجاورين الذين يقيمون فيها فى غير أوقات الحج. وهذا الواقع حقيقة مسلمة.

وقد وصلت-أنا الفقير جامع هذه الحروف-إلى مكة المشرفة فى منتصف شعبان الشريف سنة ١٢٨٩،وعند ما رأيت ازدحام الحرم الشريف تصورت أنه لن يكون هناك مكان لإقامة الصلاة لمن سيأتى بعد ذلك من الحجاج.

حيث بلغ الزحام فى هذه البلدة المكرمة مبلغا عظيما، حتى إنه إذا ألقيت إبرة فى الأسواق والأماكن التجارية لن تسقط‍ على الأرض من شدة الزحام. ولم يعد هناك مكان واحد خاليا داخل المسجد الحرام ليجلس فيه إنسان، وبعد مرور فترة قصيرة تبينت أن ضيق مساحة البلدة لا يمكن أن يمنع الحجاج من الطواف والزيارة فصححت أفكارى.

وقرب حلول ساعة الخير والبركة للوقوف فى عرفات، وقد إلى مكة المكرمة كل أسبوع ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف حاج وزائر وسكنوا فى دور الأحياء المختلفة ووجدوا أماكن لأداء الطاعات والعبادات فى فخر وسرور.

كانت السنة المذكورة سنة الحج الأكبر وتجاوز عدد الحجاج خمسمائة ألف حاج حسب تخمينى وقد أدى جميعهم مناسك الطواف والعبادة بدون مشقة، كما أدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>