مقتضيات العقل والشرع، وإنما يقصرون حكمهم - مثال قطاع الطرق والبغاة الظلمة - على العنف وغصب الأموال وقتل النفوس والحركات غير المشروعة والتعديات الظالمة.
وبما أن هؤلاء قد سلموا زمام أمرهم وتدبيرهم للنفس الأمارة بالسوء، ولما كان بصرهم وبصيرتهم فى غاية الظلام من ناحية الخير، فهم لا يستهدون إلى الخير أبدا، ولا يسلمون أبدا من الخطأ والقتل وفقا لمدلول قول الله تعالى:
وقد أنعم الله - سبحانه وتعالى - على البشر بالعقل والقدرة والرشد والبصيرة، وبين لهم فى الكتب المنزلة ما ينفعهم ويصلح من شأنهم، وما يخص معاشهم ومعادهم، وحذرهم من الانهماك فى الشرور والمفاسد، لأن جزاء الخير والشر يعود لفاعله، وانقراض دول ملوك الطوائف وبغاة المسلمين الذين لوثت أفعالهم المذمومة صفحات كتب التاريخ لدليل واضح على إثبات ذلك.
قد انقرضت تلك الدول بظهور سلاطين الدول الإسلامية الذين حكموا بالعدل، وكانت القوة والمتانة من أحلافهم، وبناء على هذا من واجب الأمة البحث عن إمام عادل تعيش تحت حكومته العادلة وسلطنته الفاضلة، وقد ثبت ذلك باتفاق آراء الصحابة العظام والتابعين الكرام واتفق على هذا علماء المسلمين الأعلام بإجماع الأمة، وحينما ارتحل النبى صلى الله عليه وسلم، عن دنيانا إلى مقر الراحة الأبدية أسرع الصحابة بمبايعة الصديق الأكبر.
ومازالت البيعة تجرى على هذا النهج إلى عصرنا هذا، ولم يترك أحد هذه السنة السليمة الغاية فى أى عصر من العصور مدعيا الانفراد والاستقلال برأيه، والإجماع القطعى سند قوى فى الدلالة على الأحكام الشرعية وصحتها، وبناءا