للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثراه-كان المسجد النبوى قد أشرف على الخراب فى زمنه. كما بين ذلك فى الصورة الخاصة-فأمر السلطان بهدمه من أساسه وبنائه رصينا متينا محافظا على زينته الخارجية. وقد شرع فى بناء المسجد بناء على رغبة السلطان وتم إنشاؤه فى ظرف اثنى عشر عاما، ولا شبهة أن السلطان المذكور قد أبهج روح رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الخدمة المفتخرة وبإظهار الحرمة والتوقير بسكنة الحرمين الشريفين الكرام.

وبما أن الرسول صلى الله عليه وسلم العارف العالم برموز الحكم قد بين لزوم محبة أهل المدينة جيرانه بأحاديث كثيرة، فيجب عرض المحبة والمودة لأهل المدينة. ومن علامات العبودية الخاصة حبّ من يحبه الرسول صلى الله عليه وسلم والابتعاد عمن لا يحبه. ومع كل هذا فمهما أظهر لسكان أهل المدينة من المحبة والوداد والأخوة، فلا يمكن مقابلة ما نراه فيهم من الرعاية والاحترام. والخدمة التى نقدمها لهم، هى إرسال صرة لهم مرة فى السنة مع أنهم يدعون لنا فى صلواتهم الخمسة أمام النبى صلى الله عليه وسلم، وإنهم يلاطفون زوار رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية الملاطفة، وحيثما رأوهم يستفسرون عن أحوالهم ويحاولون إظهار أية خدمة لهم. وإنهم يخجلون من الواحد منهم الذى يخلو بيته من ضيوف فى مواسم الحج ويوبخونه قائلين معاتبين: «لو كنت رجلا سعيدا مستقيم الأطوار لبحثت عن ضيف وأطعمته» ومن عاداتهم أن يستقبلوا قوافل الحجاج فى ناحية جرف (١) وأن يظهر أطفالهم فرحهم وسرورهم بقدوم الزوار بإنشاد

سيد خواجه ... يأكل دجاجة

فى صحن صينى ... أنت سليمى

وإنهم يسارعون فى استضافة كل من يقابلونه من الزوار سواء أكان فى موسم الحج أو غيره بدعوته إلى منازلهم، وكلهم رجالهم ونساءهم ويطيب خواطر الضيوف، وإذا لم يكن عندهم قدرة لاستضافة من يدعونهم إلى دورهم


(١) جرف تبعد عن المدينة مسافة ساعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>