للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صعدوا إلى عليين وسكنوا قصور الخلد من بنات وأزواج النبى الطاهرات وأكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهتدين وعطروا ترابها، ودفن فيها جميع الذين توفوا فى المدينة منذ عصر السعادة، وقد ثبت بناء على أصح الروايات دفن سبعة آلاف من الصحابة بقطع النظر عن التابعين وأتباع التابعين من الصلحاء والأتقياء.

فالجنائز التى تدفن فى مقبرة البقيع الشريف توضع فى لحد يسمى «قصقية» ولكل قصقية باب مستقل. وبناء على إخبار من اطلع على الأمور، أن لو فتحت قصقية الجنازة التى دفنت اليوم غدا لدفن جنازة أخرى فلا يبقى أثر من عظام الجنازة الأولى ولا تشم لها رائحة عفونة، وذلك من حكمة الله-سبحانه وتعالى وهذه الحالة تصدق مآل الحديث النبوى صلى الله عليه وسلم: «كأنهم ينثرون أهل البقيع مثل الورد فى رياض الجنان» (حديث شريف).

ليس فى المدينة تابوت خاص فالميت سواء أكان من الرجال أو النساء يدفن بكفنه، وتغلق أبواب وفتحات اللحود الجديدة التى صنعت من أجل الجنازة باللبن والتراب بعد الدفن.

والذين يتوفون فى المدينة المنورة ويدفنون فيها ينالون ثواب الشهيد الذى قتل فى سبيل الله كما ورد فى الخبر.

بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوما فى البقيع جاء رجل من الخارج وقال وقد رأى قبرا يحفر «ما أقبح مكان الشخص الذى سيلقى فى هذا القبر» فأجابه الرسول معاتبا.

«ما أسوأ ما نطقت» وبهذا بين لذلك الصحابى أنه يجب أن يصحح ظنه وعقيدته فقال الصحابى: إننى أردت أن أقول لو كان هذا الرجل مات فى أثناء قتال العدو بدلا من موته فى الفراش فأجابه الرسول بما معناه: ليس فى الدنيا بلد يماثل هذا البلد، فالذين يموتون هنا كأنهم يستشهدون (١) فى سبيل الله، عندى أن


(١) روى الطبرانى فى الكبير بإسناد حسن عن سبيعة الأسلمية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت فإنه لا يموت بها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة». (مجمع الزوائد ٣٠٦/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>