زرت مجلس عمر بن عبد العزيز الذى كان أمير مصر، فقال لى الأمير عند توديعه:«يا يزيد عندما تصل إلى دار السلام قبة الإسلام وتزور قبر سلطان الرسالة-عليه أجمل التحية-أرجو أن تعرض سلامى وتحياتى لذلك الجوهرة الفريدة للكونين المدفونة تحت ثرى المدينة ذات عطر كالمسك».
وكان عبد الله بن عمر كلما يعود من سفر من أسفاره، كان يدخل فى الحجرة المعطرة ويزور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبعده قبر الصديق وبعده والده ابن الخطاب ويسلم عليهم وهذه الرواية الصحيحة منقولة من الإمام نافع، إذ يخبرنا الإمام أن عبد الله بن عمر-رضى الله عنهما-كان يعرض سلامه وتحاياه على الدرة اليتيمة التى تظهر فى داخل حزمتها المنورة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإننى قد رأيت ذاته السامية أكثر من مائة مرة وهو يقف فى حضور صاحب الرسالة يقول «السلام عليك يا رسول الله» ثم يقول السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبى ويشغل بالزيارة بهذه الطريقة، بيتى يوصل سلامه إلى المعرض المعلى للرسالة مشافهة ثم إلى رفيقى حياته ومشاركى حجرته الصديق الأكبر والفاروق الأعظم رضى الله عنهما، ثم يعود، وقد دخل على بن أبى طالب-رضى الله عنه-يوما ما فى المسجد الشريف فرأى مرقد فاطمة «رضى الله عنها» وبكى كثيرا وفى النهاية دخل فى الحجرة المعطرة وبعد أن بكى طويلا قال «عليكما السلام يا أخوى ورحمة الله» وهكذا سلم على أبى بكر وعمر-رضى الله عنهما-وعاد بعد ذلك؛ لأجل ذلك فالفقهاء العظام الذين يتشرفون بلقب حجج الإسلام يتجهون إلى المدينة المنورة بقصد زيارة قبر السعادة.
وبعد أن يصلوا إلى المسجد الشريف الذى يقابل البيت المعمور وهم محرمون وقد اهتزت جنباتهم من الابتهاج والفرح، يزورون الروضة الشريفة التى حسدها روض الجنان، ثم المنبر المنير، ثم القبر المنيف الذى يحتوى على الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يزورون الأماكن التى سار فيها وتنزه والأماكن التى جلس فيها مستندا على