الشديدة في قلوب المسلمين، وأصحابه أشد له حبا، فلو كان الاجتماع للعزاء مشروعا لفعلوه، وكذلك توفي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وتوفيت أمهات المؤمنين زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم – وسائر الصحابة، وما علم أن أحدا أقام لهم عزاء أو اجتمعوا لذلك، فدل أن الاجتماع للعزاء وصنع الطعام للحاضرين بدعة منكرة لا أصل لها في الدين، بل يجب إنكارها ويأثم من ساعد على إقامتها.
ولما أحدثت الأجيال اللاحقة الاجتماع وصنعوا الطعام للمجتمعين، قال الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي (كنا – أي: معشر الصحابة – نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة) رواه الإمام أحمد بإسناد حسن، وأما تقديم الطعام لأهل الميت من جيرانه أو أقاربه فهذا سنة؛ لما روى أبو داود عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر رضي الله عنه حين قتل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فإنهم قد أتاهم ما يشغلهم (١) » رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي، ويقدم الطعام لأهل الميت في بيتهم لا للمجتمعين في السرادقات أو الخيام المنصوبة؛ لأن المقصود من ذلك أنه قد شغل أهل الميت الحزن عن صنع طعامهم فيقدم لهم الطعام.
(١) سنن الترمذي الجنائز (٩٩٨) ، سنن أبي داود الجنائز (٣١٣٢) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦١٠) ، مسند أحمد (١/٢٠٥) .