للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحقون الشفاعة ينفون إلى أماكن أخرى لإزالة ومسح ذنوبهم أو أنهم يمحون ذنوبهم بزيادة أجورهم ومثوباتهم كما تفيد الآية الجليلة:

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ}. (هود:١١٤).

أو أنها تظهر خباثة وفساد من فى قلوبهم الفساد والخبث.

وقد ثبت بحكم الأحاديث الشريفة أن الذين يحدثون البدعة فى المدينة أو يعينون على ذلك سيلعنون من قبل الرحمن، وأن صلوات مثل هؤلاء الرجال المفروضة ونوافلهم لن تقبل منهم فالآثام الصغيرة التى ترتكب فى المدينة المنورة تعد من الكبائر بناء على الإفادة العاتبة لله-سبحانه وتعالى-إن الله-سبحانه وتعالى-يمحو الذين يسيئون إلى أهل المدينة المنورة كما يذيب الماء الملح يذيبهم فى جهنم مثل الملح والرصاص (١).

هناك اختلاف فى مدلولى لفظى المحو والإذابة إذ قال بعضهم إن الذين يتعرضون بالسوء إلى أهل المدينة المنورة سيؤاخذون على فعلتهم يوم القيامة، كما حكم بعضهم على أن هؤلاء سيؤاخذون على أعمالهم فى حياتهم، وإذا ما نظر إلى تلف المسلم الذى يناقض اسمه-أى مسلم بن عقبة (٢) -والذى تجرأ فى ارتكاب حادثة الحرم الشهيرة، وكذلك إلى تلف يزيد (٣) المفضوح الذى عينه للقيام بهذه المهمة الحزينة متعاقبين ترى صحة مؤدى القول الثانى وأصالته، وإذا ما نظر إلى تأخير مؤاخذة بعض الظالمين يرى أن القول معقول كذلك، ولا سيما إذا نظرنا إلى مصير طوائف القرامطة الباغية، ولكننا إذا ما نظرنا إلى مصير المغاربة الذين كانوا سببا فى إحاطة الشهيد نور الدين مرقد السعادة بجدار من الرصاص وإلى مصير المخذولين الأذلة الذين أساءوا إلى المدينة إذ تعرضوا-إن عاجلا أو آجلا-إلى أنواع المصائب والبلايا يقتضى ترجيح صحة القول الثانى.

وبما أنه قد ثبت أن الجبابرة الذين أساءوا إلى دار الهجرة المدينة المنورة قد نالوا جزاءهم من الآلام والعذاب حتى كانوا عبرة لأمثالهم ومثار الانتباه فلا شبهة أنهم


(١) انظر: صحيح مسلم بشرح النووى حديث ٣٢٩٩ ط‍.دار الغد العربى. وإعلام الساجد، ص ٢٥٧.
(٢) أهلكه الله منصرفه عن المدينة.
(٣) هلك يزيد بن معاوية أثر إغزائه أهل المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>