والحديث «جعل الله سبحانه وتعالى المدينة دار هجرة لى! إننى سأبعث من المدينة وسأحشر منها، فيجب على أمتى اجتناب الكبائر والمحافظة على جيرانى وكل من يحترم أهل المدينة ويرعاهم فى سبيل حرمتى وتعظيمى أكون له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة. وكل من يضيع حرمتى فالله-سبحانه وتعالى-يسقيه من حوض خبال».
وبناء على هذا حينما طلب المهدى العباسى من الإمام مالك أن يوصيه فقال له «أوصيك بالاعتراف بوحدانية الله وأن تبذل من لطفك وعطفك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال المدينة دار هجرتى، فى صحراء القيامة سأبعث من المدينة قبرى فى المدينة، وأهل المدينة جيرانى والواجب على أئمتى أن يتقيدوا بالمحافظة على أمتى! كل من يرعاهم ويحافظ عليهم يحافظون على حقوقى!
ومن يحافظ على حقوقى أكون شفيعا له فى يوم القيامة وشهيدا. والذين لا يحافظون على وصيتى يسقيهم الله من طينة الخبال يوم القيامة ويرويهم».
عند ما زار الخليفة المهدى المدينة المنورة وذهب لزيارة الحجرة المعطرة، استقبله الإمام مالك وسادات البلد وأشرافه وجملة الأعيان وكبار موظفى الحكومة من عدة أميال من المدينة. وعندما رأى المهدى الإمام الجليل فاحتضنه وعانقه، ثم استدعى من معه واحدا تلو الآخر وصافحهم بحرارة. وعندما رأى الإمام مدى التفات الخليفة لأهل المدينة ورعايته لهم وقف ناصحا له وقال يا أمير المؤمنين «إنك ستدخل الآن إلى المدينة وسترى فى يمينك ويسارك بعض الناس، وبما أن جميع هؤلاء الذين سيراهم بصرك من أحفاد المهاجرين والأنصار-رضى الله عنهم-فيلزم عليك أن تحيى كل واحد منهم متفردا وتسلم عليهم وتعرض عليهم
(١) الخبال: عصارة أهل النار من العصاة وهو صديد وعرق أهل النار والحديث رواه الطبرانى فى الكبير على ما ذكر الهيثمى فى مجمع الزوائد ٣١٠/ ٣.وفيه عبد السلام بن أبى الجنوب، وهو متروك قلت: وعبد السلام قال على بن المدينى: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: متروك، وضعفه الدارقطنى وجرحه ابن حبان. انظر الضعفاء الكبير للعقيلى ١٥٠/ ٢.