وبما أنه كان من أصحاب الثراء المفرط؛كان يعيش حياة رفاهية ولا شك أن إلى عمرو مزيقيا ينتهى نسب أفراد قبائل اليمن، قد اختلف المؤرخون الأسلاف فى تعريف قحطان قال بعضهم أن قحطان هو بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام ابن نوح-عليه السلام-وقال بعض منهم أنه هود-عليه السلام-نفسه.
إن عمران أخو عمرو مزيقيا كان محروما من النعمة الجليلة للتناسل وكانت مهارته فى الكهانة معروفة لدى الجميع.
وقد تكهن يوما بانهيار سد مأرب وخرابه وأخبر أخاه عمرو مزيقيا بذلك، وأيدت طريفة الحميرية ما قاله عمران ببعض العبارات المسجوعة قائلة:«إذا ظهرت الفئران حول السد فهى علامة انهياره» ونبئ يوما أن الفئران التى ظهرت فى أماكن قريبة من السد، وأنها أخذت تحرك الحجارة التى لا يستطيع تحريكها خمسون أو ستون رجلا وقلبها وحرقها وصدق عمرو مزيقيا ما قاله أخوه وأصبح رهنا لليأس والحرمان، وقال:«إن الفئران التى تتصف بهذه القدرة تستطيع أن تهدم وتخرب سد مأرب وقتما تشاء» وقد عرف يقينا أن لا بقاء لهذا السد، وقد شغل هذا القلق فكره وفى نهاية الأمر كتم الأمر عن أهل سبأ وقرر فى نفسه أن يترك وطنه ويبيع ما يملكه؛ وأولم وليمة للأهالى عامة وأخذ المنازعة التى حدثت فى أثناء الطعام سببا لانفعاله وغضبه، وقال:«بما أن هذا الموضوع قد جرح شرفى وكبريائى فلا أستطيع أن أبقى فى هذه البلاد» ثم باع أمواله وأشياءه وأخذ القليلين ممن عرضوا عليه تبعيتهم من قبيلة بنى أزد وخرج تاركا أرض سبأ.
ينقل المؤرخون سبب هجرة عمرو مزيقيا من بلاد سبأ على هذه الصورة أيضا فيقولون:
قد تيقن عمرو مزيقيا أن بلاد سبأ سترضخ لاسم الله الجليل «القهار» وذلك سواء أكان من خلال ما سمع من أخيه الكاهن المشهور عمران، أو زوجته الكاهنة طريفة التى رأت الرؤى المفزعة أو مما استخرجا من علامات مخوفة بمقتضى كهانتهما، وهى أسباب كافية تؤدى إلى الهجرة إلى بلاد أخرى بأولاده