واطلع ثعلبة ابنه على انهيار سد مأرب وهاجر من أرض سبأ، وأن الكاهنة طريفة ليست أمه بل زوجته.
وعلى رأى من يرجحون هذه الأقوال أن عامر أصبح رئيس قبيلة بعد وفاة أخيه عمرو مزيقيا وقام بإقامة وليمة عظيمة لأهالى سبأ وفى أثناء الطعام لطم ابن أخيه حارثة صفعة.
ولم يتحمل حارثة الإهانة التى تعرض لها على ملأ من الناس وعقد النية على ترك الوطن، وإن كان عامر ندم كثيرا وقال:«يا حارثة إننى ضربتك فاضربنى أنت أيضا» وأسرع يرجو منه ذلك ملحا حتى يهدئ ثائرة نفس ابن أخيه إلا أن حارثة لم يستطع أن يقنع ضميره بضرب عمه، وإهانته كما أنه لم يستطع أن يكظم غيظه وغضبه ومن هنا خرج من أرض سبأ مهاجرا.
وأدت هجرة عمرو مزيقيا إلى انتشار الإشاعات بين الأعيان وقام والناس بعضهم ضد بعض؛ وفى أثناء ذلك هبطت الأمطار متتالية ولم تراعى منافذ السد وظهرت وقعة «سيل العرم» فانهار سد مأرب المشهور فغرق جملة الأهالى وهلكوا وخربت آثار تلك البلاد الميمونة وانمحت وأصبح ذلك السد الذى قام منذ عدة آلاف سنة خرابا يبابا ومسرحا للبوم والغراب.
هاجر عمرو مزيقيا من أرض سبأ ومعه قبائل «بنو أزد، آل سدير، آل خزيمة»، وانتشر بنو أزد فى بلاد عمان، وآل وداعة فى «أرض همدان»،وبنو خزاعة فى «بطن مكة»،والأوس والخزرج فى أرض يثرب، وآل جفنة وآل غسان فى «البصرة»،وآل سدير فى «ممالك الشام»،وآل خزيمة فى «ديار العراق»،وهيأكل هؤلاء حيث وجدوا أملاكا وأراضى كافية لمعيشتهم وتوطنوا فيها.
وظل بعض أفراد قبيلة أزد على سواحل نهر يسمى غسان عندما هاجر عمرو مزيقيا من أرض سبأ تجول كثيرا راغبا فى إسكان القبائل التى فى رفقته فى مكان واسع المرعى كثير المياه هادئ وأدخل أهالى البلاد فى طاعته ووصل إلى حدود الميمونة كعبة الله، ونزل فى مكان مناسب وبعث ابنه ثعلبة إلى مكة المعظمة