للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت العادة المرعية فى تلك الأوقات عند العرب أن يعطى لمقتول الحليف نصف دية المقتول النسيب لذلك قال رجال القبائل الأوسية التى ينتسب إليها سمير أن إعطاء دية النسيب (١) لقتيل الحليف (٢) مخالف لقانون العرب، وإنها ليست شيئا نعجز عن دفعه إلا أننا نخاف أن يظل كالعادة بين العرب وبناء على هذا نعطى دية الحليف حتى نقف دون احتمال وقوع هذه العادة، ولكن مالك بن عجلان أصر فى ادعائه وطلبه، وحاول رئيس قبائل الأوس أحيحة بن الجلاح أن يقنع مالكا حتى يحافظ‍ على عادات العرب القديمة.

وطال الإصرار والمدافعة ونتج عن الحوار الجدال والمشاجرة، وتسلح الطرفان وشرع كل طرف فى شتم الآخر وضربه وتضاربا ثمانى ساعات أو عشر، وفى النهاية تغلب الأوس على الخزرج وعينوا منذر بن حرام النجارى الخزرجى جد حسان بن ثابت-رضى الله عنه-حكما للفصل بين المتخاصمين.

وأخبر مالك بن عجلان بأنه سيقبل الرأى الذى يقضى به ابن حرام وبحكمه، وبعد أن أخذ منذر بن حرام تأكيدات قوية من أفراد طرفى المحاربين بأنهم سيوافقون على الحكم الذى سيصدره، ثم خاطب الأوس وقال: «يلزم أن تدفع دية النسيب لكعب المقتول على أن يكون لهذه المرة فقط‍» وإن كان أفراد قبيلة الأوس وافقوا على هذا الحكم وقاموا بتنفيذه وفصلوا هذه الحرب بحكم المنذر إلا أن الطرفين قد غضب بعضهم من بعض وفى النهاية أحدثوا فيما بينهما ملحمة يوم الرحابة.

يوم الرحابة-حدثت هذه الواقعة بين بنى حجبا من قبيلة الأوس وجماعات بنى مازن من أقوام الخزرج وقد أدى إلى حدوث هذه الملحمة المؤلمة قتل كعب بن عمرو المازنى من عشيرة مازن بن النجار من قبل بنى حجبا، لأن كعب بن عمرو المازنى كان يتلاقى من حين لآخر بباغية من نساء بنى حجبا، وعندما اطلع بنو حجبا لوقاحة كعب ومجونه حاصروه يوما فى منزل تلك الفاجرة وقتلوه. وأسرع


(١) النسيب: يقال لمن هو من أصل القبيلة وذريتها.
(٢) الحليف: يقال للذين تعاهدوا وتحالفوا على أن يساعد بعضهم بعضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>