ومن هنا عزموا على الانتقام من قبيلة الخزرج وذلك بمباغتتهم فى ليلة من الليالى وذلك بتصويب جميع أبطال القبيلة واتحاد رأيهم؛ إلا أن زوجته «سلمى بنت عمرو» النجارية أبلغت الأمر إلى أفراد قبيلتها أى أنها أيقظت الخزرج من نوم الغفلة وذلك بإظهار ما يضمره الأوس من شر لهم، ومن هنا لم يستطع أحيحة أن ينال غرضه، وغضب غضبا شديدا من زوجته وبسبب هذا الغضب طلق «سلمى» التى تتمتع بجمال بالغ حتى يتشفى منها؛ إلا أن هذا الغضب أدى إلى ارتباط السلسلة الذهبية النبوية ببنى النجار وكان سببا ظاهرا له، لأن هاشم بن عبد مناف الذى يحمل صفات النبى والجد الثانى له قد تزوج بمطلقة أحيحة «سلمى بنت عمرو» وقد حملت المشار إليها منه وولدت جد النبى صلى الله عليه وسلم عبد المطلب.
سلمى-وكانت هذه الحادثة سببا فى اشتهار سلمى «بمتدلية» إذ فهمت سلمى ليلة مباغتة الأوس لقبائل الخزرج من استعداداتهم ثم ربطت نفسها بحبل قوى وتدلت من الحصن بهذا الحبل وأخبرت قومها بأحداث الواقعة، وكان هذا العمل سببا فى طلاقها واشتهارها بلقب «المتدلية» وتكمن فى هذا السر حكمتان خفيتان أولاهما عدم انتقال النور المحمدى إلى نساء الأجانب وثانيتهما ارتباط سلسلة القبائل الخزرجية بالسلسلة النبوية وهذا مما يسر واقعة الهجرة لما عرض عليه الأنصار الكرام من العون والنصرة والانقياد.
عندما طلق أحيحة سلمى كان هاشم بن عبد مناف قد اشتهر فى قطر الحجاز بالحسن والملاحة ولما كان يحتوى على الغرة الغراء من عالم النجابة واليمن ولما كانت شمس سيد الأبرار تلمع فيه كلما قابله علماء اليهود والنصارى المطلعون على محتويات الكتب السماوية يسلمون عليه ويصافحونه ويقبلون يديه معا، وكانوا يعرضون عليه بناتهم للزواج.
وقد انتشر فى الجهات الأربع للعالم أن علماء العصر عرفوا بدلالة الصحف السماوية أن سيكون الجد الثانى لسيد العالم صلى الله عليه وسلم ومن هنا كانوا يظهرون له التعظيم والتبجيل ويعرضون عليه بناتهم اللائى بلغن أقصى حد الملاحة والجمال.