جعله ترك التعرض لمنبر السعادة ولم يستطع أن ينفذ ما فى ضميره ومن هنا فهم أنه غير مصيب فى رأيه ومخطئ فى اجتهاده.
وقال بعض المؤرخين الذين ذهبوا إلى أن الذى أراد أن يقلع منبر السعادة من مكانه هو مروان بن الحكم.
أمر ابن أبى سفيان واليه فى المدينة المنورة مروان بن الحكم أن يقلع المنبر الشريف من مكانه وأن يرسل به إلى الشام وذلك من خلال الرسائل الخاصة، وقد فتح مروان ابن الحكم رسائل معاوية وقرأها وتجرأ أن يرسل بعض النجارين على أن ينتزعوا منبر السعادة من مكانه ليرسل إلى الشام، وذلك دون أن يخبر أحدا، إلا أن الجو اكفهر فجأة وأظلمت الدنيا حتى أصبحت العيون ترى عيونا كما أن عاصفة هو جاء ثارت وملأت قلوب الناس رعبا فاستغرقوا فى بحار الهم والغم ومن هنا غير ابن الحكم رأيه بناء على هذا وغير الأمر الذى أصدره للنجارين وطلب منهم أن يضيفوا إلى المنبر ثلاث وعلى قول ست درجات وهكذا أوصل درجات المنبر إلى تسع درجات.
وأكثر المؤرخين على أن أحدا لم يزد من درجات منبر السعادة قبل ابن الحكم كما أن أحدا من بعده لم يتجرأ على أن يقوم بهذا العمل المستكره وأثبتوا ذلك بإيراد أدلة مقنعة.
واستأذن المهدى العباسى الإمام مالك قائلا:«إننى أريد أن أعيد المنبر الشريف لسابق عهده» وتصور أنه يستطيع أن يهدم الدرجات التى أضيفت من قبل مروان ابن الحكم وأراد أن يعيده لحالته الأولى على الهيئة التى صنعها باقوم النجار؛ إلا أنه قد تخلى عن فكرته هذه بناء على قول الإمام مالك:«قد صنع المنبر الشريف من خشب شجرة الطرفاء وسمر ما أضافه مروان على المنبر القديم» وبهذا قد أفهم المهدى أن ترك المنبر الشريف على حالته هذه لا يخلو من الحسنات، وبناء على هذه الرواية فإن الأمر يقتضى قبول الرواية الثانية وتصديقها، والتى مفادها أن مروان بن الحكم هو المتشبث بنقل منبر السعادة إلى الشام.