وقال ابن الأثير مبينا أن عبد الملك بن مروان وابنه الوليد حاولا أن ينقلا المنبر الشريف إلى الشام إلا أنهما لم يوفقا فى ذلك، حينما أصبح عبد الملك بن مروان ملكا على بلاد الشام قام محاولا لنقل منبر السعادة إلى الشام إلا أن حضرة قبيصة بن ذؤيب قال له يا عبد الملك تذكر ما حدث فى عهد معاوية، وقرأ له الحديث الذى ورد فى حق المنبر الشريف.
وبناء على هذا تراجع عبد الملك عن فكرته هذه، وأراد الوليد بن عبد الملك أن يحقق فكرة أبيه فى أثناء حجه إلا أنه لم يوفق أيضا فى مسعاه.
إن قاعدة منبر السعادة، الذى كان من اختراع باقوم ذراع مربع واحد وكان ارتفاعه ذراعين وكان له ثلاث درجات مع مقعده وتبتعد كل درجة عن الأخرى مقدار شبر واحد وفى الوسع شبرين وأضاف مروان بن الحكم فيما بعد لدرجاته ست درجات من الأسفل وبهذا ابلغ ارتفاعه إلى سبعة أذرع من حيث قاعدته كما أبلغ درجاته إلى تسع درجات؛ وبناء على هذا الحساب يلزم أن تصل درجات المنبر المنير مع مقعده إلى تسع درجات وارتفاعه إلى ستة أذرع، ولكن بما أن للمنبر القديم أساس طوله ذراع واحد فارتفاع المنبر ستة أذرع وطول سطحه ستة أذرع.
كان عرض باب المنبر القديم السعيد أى ما بين عموديه خمسة أشبار، وقد كسا مروان بن الحكم جميع درجات المنبر من جهاتها الأربع بخشب أبنوس فى غاية الرقة ما عدا الدرجة الثالثة التى كانت خاصة لجلوس النبى صلى الله عليه وسلم، إذ غطاها بقطعة واحدة من خشب الآبنوس اللامعة كما رفع فوقها قبة حتى يحفظ مجلس النبى صلى الله عليه وسلم من جلوس الآخرين.
والقباب المزينة التى ترفع فوق المنابر فى أيامنا هذه فكأنما للإشارة إلى الدرجة التى كان يجلس عليها صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم.
قد قام الإمام البخارى «عليه رحمة البارى» بزيارة المنبر القديم الذى أعلى ارتفاعه وعمر درجاته مروان بن الحكم ذاتيا وبين لأحبابه أن المنبر الشريف