للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد هذه الإجابة أشار إلى حلقة، وكأنه يريد أن يلمح ويومئ أنهم حتى إذا خرجوا إلى الخارج من حصونهم ليسلموا أنفسهم لن ينجوا أن يكونوا طعما لحد السيف وكان غرضه من هذه الإشارة أن يشفق لحالة اليهود الميئوسة؛ ولكنه فى النهاية فهم الخطأ الذى وقع فيه سهوا وندم قائلا يا ويلاه! إننى خنت الله ورسوله ثم عاد إلى المدينة المنورة دون أن يظهر لرسول الله، وجعل نفسه مقيدا لتلك الأسطوانة، وقرر فى نفسه ألا يحل قيده حتى تقبل توبته وألا تطأ أقدامه حيث وجد بنو قريظة، حتى إن فى أوقات الصلاة كانت زوجته العفيفة تأتى وتحل قيوده وبعد أداء الصلاة كانت تربطه مرة أخرى، ودامت هذه الحالة أكثر من عشر ليال حتى أصاب أذنيه الصمم من صوت السلاسل وأصبحت عيناه لا تبصران ولما عرض أمره على قائد جنود الأنبياء-عليه أفضل التحايا.

وظل مربوطا ست أو خمس عشرة ليلة على اختلاف الروايات إلى أن قبلت توبته وأبلغت الكيفية بالآية المنزلة للنبى صلى الله عليه وسلم فتفضل النبى صلى الله عليه وسلم، بحل سلاسل يديه المباركتين، حتى إن بعض الأصحاب الكرام قد أخطروا أبا لبابة بنزول الآية بخصوص إطلاق سراحه وأرادوا أن يفكوا سلاسله إلا أنه قد أقسم قائلا لا، يجب أن يفك النبى السلاسل بذاته فلا أقبل أن يحلها الآخرون وبناء على هذا تلطف معدن الرحمة والشفقة بحل سلاسله بذاته وإطلاق سراحه، وأطلق بعد هذه الحادثة المشهورة على هذا العمود أسطوانة أبى لبابة بن المنذر.

قالت طائفة من المؤرخين إن سبب حدوث هذه الواقعة أى أن قيد أبى لبابة نفسه إلى أسطوانة التوبة وربطه نفسه هو تخلفه عن الاشتراك فى غزوة تبوك لأن النبى صلى الله عليه وسلم عندما عاد قال لأبى لبابة لماذا تخلفت عن هذه الغزوة؟ فاضطرب أبو لبابة من السؤال ولم يجد جوابا وذهب إلى الأسطوانة التى أمام غرفة أم سلمة رضى الله عنها-وربط‍ نفسه وأخذ يتجرع مصاعب الصبر والتحمل وأخذ يستغفر ما يقرب من سبعة أيام وفى النهاية نزلت الآية الكريمة التى تفيد قبول توبته فحلت سلاسله بواسطة السيدة أم سلمة، وقال بعضهم أيضا إن ثمامة بن أثال الحنفى أيضا قد قيد لتلك الأسطوانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>