عليهم فى الجنة مثل المسجد الذى أسسوه فى الدنيا وسيتبعنى سلفى فى هذا الخصوص وإننى سأموت وأقلده فى هذا، وأسكتهم بهذه الإجابة الصائبة. وقد أدت الخطبة التى ألقاها عثمان إلى قيل وقال إلا أن الجميع قد اتفق فى الاجتماع العام على لزوم توسيع المسجد وتوسيعه على صورة مطبوعة جميلة وصدقوه وبناء عليه جلب الخليفة القدر الكافى من العمال وابتدر بهدم المسجد بذاته وهو صائم، وترك الجهة الشرقية من المسجد على حالها، وهدم الجدار القبلى كاملا ووسعت هذه الجهة وجدد جدران جهاتها الأربعة بحجارة منقوشة بعد هدمها ونصب عمودا ذات قاعدة مربعة فى الجهة الغربية يعنى فى جهة «باب السلام».
إن هذا العمود هو السابع إذا ما عد ابتداء من منبر السعادة ناحية باب السلام، وقد جعلت قاعدته مربعة للدلالة على أن هذا المكان منتهى توسيع حضرة عثمان مبتدأ تجديد الوليد بن عبد الملك، وقد بلغ طول المسجد فى هذا التعمير إلى ١٦٠ أو ١٧٠ ذراعا وعرضه إلى ١٥٠ ذراعا أى أن عثمان بن عفان قد وسع مسجد السعادة ثلاثين ذراعا عرضا وعشرين ذراعا طولا وأبقى على جميع أبوابه القديمة.
وتوجد فى الجهة الشامية من المسجد الشريف منازل أبى سبرة بن أبى رهم وعمار بن ياسر وطلحة بن عبيد الله ومنزل حفصة بنت عمر بن الخطاب من زوجات النبى صلى الله عليه وسلم، وفى الجهة القبلية منزل العباس بن عبد المطلب، واشتهرت تلك المنازل كلها برصانتها فوق العادة ومتانتها، قد اشترى حضرة عثمان جميع هذه المنازل وأرضى أصحابها بطريقة ما وطيب خواطرهم وألحقها بساحة مسجد السعادة المشحون بالفيض.
ولما قالت له زوجة الرسول حفصة بنت عمر-رضى الله عنهما-إذا ضممتم منزلى هذا إلى المسجد الشريف فأين المنزل الذى سأقيم فيه أجابها قائلا سنجد لك منزلا ونفتح له طريقا خاصا يفضى إلى مسجد السعادة وأعطاها دار عبد الله بن عمر وفتح منها طريقا واسعا يفضى إلى المسجد وهكذا أرضى أمنا حفصة رضى الله عنها-وطيب خاطرها.
وكانت عمارة عثمان بن عفان للمسجد أن بدل الأعمدة الخشبية بالأبنية من