الأرض وتصدق بها سريعا، ولما وصل الشخص المكلف بهذه المهمة من الخليفة إلى عمر بن عبد العزيز فى المدينة المنورة أعطاه رسالة الوليد فتسلم اللوازم والأشياء المرسلة بموجب سجل وأخذها وجمع سادات المدينة وعظماءها والأشراف.
وأحضرهم وأظهر لهم الرسالة الى أرسلها الوليد بن عبد الملك وأوصاهم بأن يوافقوا على إجراء ما جاء فى مضمون هذه الرسالة وقال لهم:«إن كان مندرجات هذه الرسالة تحتوى على وجوب إجراء بعض الأمور الصعبة وغير اللائقة فيجب السكوت عليها، لأن واقعة الحرة لم تزل قريبة منا ولم يمر وقت طويل حتى تنسى».
وبما أن رسالة الوليد قد أقلقت سادات المدينة الكرام ولا سيما جملة هدم حجرات نساء النبى العليا، فإن المضرة أصابت أذهانهم بالسوء فأسرعوا بتشكيل مجلس عام أداروا كئوس المذاكرة وأقداح المحاورة، وأبدى كل فرد رأيه فى حرية تامة فالتزموا فكر عدم السماح بهدم الحجرات وأصروا عليه، ولكن بعض القلقين من بينهم أرادوا أن يقنعوا هيئة الشورى قائلين:«إن الطريق الذى أراه لنا عمر بن عبد العزيز موافق للعقل والحكمة، إذا ما خالفنا رأيه السديد نكون لم نستفد بعد من واقعة الحرّة الأليمة ولم ننتبه بعد، وبدلا من أن نعرض الروضة المطهرة للتلويث تحت أقدام الشاميين النجسة فمن الخير أن نوافق على أمر الوليد».
وبذلوا جهودا لذلك وساد المجلس هدوء طويل وبعده وافقوا على توسيع مسجد السعادة كما أراد الوليد قائلين:«إذا رفضنا نكون قد عرضنا الروضة المطهرة للتلويث وسلمنا أولادنا وعيالنا بأيدينا إلى أيادى الأعداء» وذلك حتى لا يتسببوا فى واقعة حرة أخرى، وعرضوا رسالة ابن عبد الملك للناس جميعا سائرين من الحى إلى الحى وأعلنوا القرار الواقع وأشاعوه.
وكان أهل المدينة يريدون أن يتركوا للأخلاق أثرا عظيما يبين طرفا من حياة سلطان عرش الإسلام-عليه السلام-يبين طريقة معيشة النبى-عليه السلام- ومن هنا كان رفضهم الهدم لحجرات نساء النبى صلى الله عليه وسلم.