ومع مرور الأيام لم يبق حكم لهذا المنع وقرر أن تصلى على جنازات السادات العلوية والأشراف فى داخل الروضة المطهرة وعلى جنازات العامة خلف الجدار الشرقى للمسجد الشريف وأموات خاصة الناس تؤخذ داخل الحرم ثم قرر أن يصلى على جميع جنازات المسلمين داخل المسجد الشريف فى الروضة المقدسة ما عدا جنازات طوائف الخوارج (١) ومازال هذا النظام ذو المحاسن الشاملة باق.
فتؤخذ جنائز من مات فى المدينة داخل الروضة المطهرة وتصلى عليها صلاة الجنازة إذا لم يكن الميت من طائفة الخوارج.
وإن كان هذا النظام قد اتخذ صيانة لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أن رجل الميت الذى سيصلى عليه ستوجه ناحية الرأس النبوى الشريف فهذا مناف للآداب الإسلامية، ولأجل ذلك كان بعض الذوات من علماء المدينة يوصون بأداء صلاة الجنائز فى موضع الجنائز وكان سبب منع أداء صلاة الجنازة لعمر بن عبد العزيز فى داخل المسجد هذه الفكرة وكأنه كان ينبئ إلى رعاية النعش النبوى العالى، وكما لم يكن فى عصر النبوة مكانا خاصا لأداء صلاة الجنازة كان النبى صلى الله عليه وسلم يعود الذين يحتضرون وبعد وفاتهم يعود إلى مسجد السعادة ثم يذهب ويؤدى صلاة جنازاتهم.
وقد رأى الأصحاب الكرام فيما بعد أن هذا الأمر شاق على النبى صلى الله عليه وسلم فوضعوا نظام الصلاة على الموتى فى موضع الجنائز بعد الاستئذان من النبى صلى الله عليه وسلم.
وفى إستانبول يطلق موضع الجنائز على المكان الذى يسمى بمصلى وكان موضع الجنائز فى عصر السعادة فى مكان بين نخلتين كائن فى الجهة الشرقية من مسجد السعادة ولما رأى عمر بن عبد العزيز أن أداء صلاة الجنائز فى الروضة المطهرة إساءة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، اشترى المكان المذكور من أصحابه وقطع أشجار النخيل وألمح إلى أنه يجب أن تؤدى صلاة الجنائز فى هذا المكان والذين لا يقبلون هذا الأمر كان يزجرهم ويهددهم بالضرب والإهانة.
(١) الذى منع إدخال جنازات الخوارج فى داخل المسجد هو طاهر جقمق المصرى.