للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يده ثم أرسل إلى دار البوار، وعندما ألقى السارق المذكور إلى السجن فى المدينة المنورة لاستجوابه سأله أحد المسجونين يا برغوث! بينما نجوت هاربا من سجن ينبع البحر ما سبب مجيئك إلى المدينة؟

فأجابه قائلا فى الواقع هذا سؤال وجيه مع أننى حينما هربت من سجن ينبع البحر وأردت أن ألجأ إلى الجبال كلما اتجهت إلى جهة ما قوبلت بسد حديدى سديد أمامى، كأن هناك من يدفعنى ناحية المدينة المنورة ويشوقنى للذهاب إليها وكلما توجهت ناحية المدينة أحسست فى قلبى انشراحا عجيبا، إننى لم آت هنا طلبا للمدينة ولم أتوجه أبدا ناحية طريق المدينة وللأسف الشديد وجدت نفسى وأنا أجول هنا وهناك، فى داخل حصن المدينة فاضطررت لأن أختفى فى جهة ما وأنا نفسى متحير فى الموضوع. انتهى.

وقد رأى شمس الدين زين الذى أرسل إلى المدينة المنورة من مصر مسندا إليه مهمة إمارة البناء قبل الحريق الثانى أن القناديل الذهبية والفضية قد كثرت فى مسجد السعادة وأن اللصوص يسرقونها كلما وجدوا فرصة سانحة أن يرسل القناديل التى تفيض عن الحاجة إلى مصر القاهرة لتذاب هناك وتضرب سككا لإنفاقها فى تجديد وتعمير مبانى مسجد السعادة وعرض ذلك على السلطان قايتباى المصرى وأعلمه وقد حازت تلك الفكرة من القبول لدى الحكومة المصرية وكتبت إلى والى ولاية المدينة بعمل ما يقتضى إجراؤه ومنها جمع كل ما أهدى إلى حجرة السعادة من الأشياء الثمينة ما عدا الستائر المهداة من قبل الملوك العلية واللوحة المرصعة والمزينة بالجواهر المعلقة على جدار ضريح السعادة وإرسالها إلى خزانة مصر فى سنة (٨٨٤) هـ‍.

وأنفق ما ضرب من المسكوكات فى تعمير الأبنية السعيدة، إلا أنهم-فى رأى خالفوا أحكام الشريعة الإسلامية الغراء لأن الإمام السبكى يقول فى كتابه «تنزيل السكينة على قناديل المدينة»: «يجوز إهداء القناديل القيمة إلى حجرة السعادة وتعليقها إلا أن استيلاء الحكومة عليها لصرف قيمتها إلى مسجد السعادة غير جائز».

<<  <  ج: ص:  >  >>