وبعد عام أقيمت مدرسة تضم سبع عشرة حجرة ومحلا للاستذكار ومكتبة وجعل سواء أكان للطلبة الساكنين أو المدرسين أو أمناء دار الكتب مقدارا كافيا من المرتبات واشترى حديقة النخيل وبستان الخضر القريبين من المدرسة ووقف محاصيلها للطلبة الساكنين فى المدرسة وذلك فى سنة (١٢٠٢).
ومن السلاطين العثمانيين السلطان سليم الذى فخم الحرمين المحترمين أعظم تفخيم وعظم أهاليهما الكرام أعظم تعظيم، وهو السلطان سليم خان الثالث بن السلطان مصطفى خان الثالث، قد أمر فى عصره السعيد بناء على استئذان الأهالى بتعمير وإصلاح جدران الحرم النبوى مخدوم الملائكة والأساطين التى فى داخل الروضة المطهرة التى تعد من الآثار النبوية، وغلف الأساطين الشريفة المذكورة مقدار ذراعين من الأرض بقطع رخام ملون، ونظم قصيدة بذاته لتكتب على قطع الرخام الملونة وأرسلها إلى أمانة البناء، وقد كتبت هذه القصيدة فى بحث الأساطين الملونة، ذلك فى سنة ١٢٠٨ هـ.
وبعد هذا التعمير بأربعة أعوام قد زين وعمر يمين ويسار جدران باب جبريل قدر ذراعين من الأرض وجدار محراب التهجد كاملا بالصينى، وطهر ونظف مجرى عين الزرقاء وذلك بنظارة والى الشام عبد الله باشا.
وقد أنفق السلطان الغازى محمود خان الثانى بن السلطان عبد الحميد خان الأول كثيرا من النقود للحرمين الشريفين وأظهر بهذه الطريقة شدة حبه ووداده للنبى صلى الله عليه وسلم.
والحبوب التى خصصت لأهالى الحرمين من السلطنة السنية العثمانية فى عصره، قد شريت وبيعت لسوء إدارة موظفى الدولة وطمع سكان المدينة الأغنياء والتجار، وترك الفقراء والضعفاء جوعى ومرضى دون علاج وأخذ فقراء الحرمين يعانون أشد العناء وأخبر بذلك السلطان وعرض النبأ على عتباته، واستحصل منه على إرادة سنية بخصوص إحصاء السكان لإعادة توزيع المرتبات وتقسيمها من