يقتضى الأمر تجديدها، بهذا صدر الأمر السلطانى وأبلغت الكيفية إلى محمد رائف باشا بالرسالة وبناء على التحريرات السامية التى وردت عرض الباشا تلك التحريرات إلى من يقتضى الأمر عرضها عليهم وبين أنه سيعمل وفق هذه الأوامر السلطانية وإن كان بعض الأهالى اعترضوا على تغيير الأساطين وقالوا:«لا لزوم لتغيير الأساطين، وإذا ما غيرنا الأعمدة التى ظلت لمدة مديدة فى مؤخرة حرم السعادة وجاورت الحجر المعطرة نكون قد ارتكبنا نوعا من عدم الرعاية؛ ولأجل ذلك يقتضى الأمر إبقاء هذه الأعمدة فى أماكنها وتقويتها بدعائم كما أن القباب التى تحملها تجدد بهذا الشكل».وبهذا التزموا القول الذى يقول بإبقاء جميع الأعمدة التى فى مؤخرة حرم السعادة وأن تعمر وتجدد دون أن يحدث أى تغير فى جميع جهات الحرم النبوى الشريف.
فأجابهم محمد رائف باشا قائلا:«إن هذه الأعمدة كثيفة جدا أولا وضيقة وبالية، فإذا ما اقتلعنا هذه الأعمدة وحولنا وبدلنا أماكنها نكون قد وسعنا أماكن الصلاة، كما ننقذ القباب التى ستصنع من المخاطر المستقبلية، وكافة الأعمدة القديمة قد ركزت فوق حجارة عادية وبما أن تلك الأحجار قد وضعت فوق الأرض وقد تكسرت بثقل القباب وتضييقها وظلت الأسياخ الحديدية التى فى أطرافها فى الأرض».
وإذا ما لم تغير هذه الأعمدة فالقباب التى تقرر تجديدها مهما كانت خفيفة تحطم الأعمدة القديمة التى يراد إبقاؤها كما أنها تقتل من تحتها منهارة بعد مرور وقت قليل، وإذا لم نهتم بالمخاطر المعروضة وبنينا القباب، نكون قد بذرنا الأموال بعملنا وهذا عمل يخالف الشريعة الغراء وهو عمل غير معقول لا تقبله ضمائر الموحدين، وإذا ما استرخصنا بصنع القباب التى صدر الأمر السلطانى بتبديلها بالبناء فالقباب الخشبية التى سنصنعها لا تتحملها هذه الأعمدة القديمة، وإذا ما سمحتم فلنقتلع أولا واحدا من هذه الأعمدة ونعاينها».