وحتى ينفرد بذلك العمل عين سيد محمد أفندى من أفاضل علماء المدينة نائبا له فى المحكمة الشرعية فاستدعى السادة الكرام والعلماء المشهورين والموظفين ذوى الاحترام للمدينة المنورة وعقد معهم اجتماعا للمذاكرة والدراسة فى المكان الذى يطلق عليه الديار العشر والذى يقع فى الجهة القبلية من المسجد النبوى، وعرض جميع جهات العمل واستشارهم فيها، وبعد دراسة الخرائط التى وضعها أسلافه وتدقيق النظر فيها، قرر العمل بناء على قاعدة هدم الجهات التى يراد تجديدها وإتمام العمل فيها ثم الانتقال إلى الجهة الأخرى وهدمها وتشييدها، وبدأ العمل من مؤخرة الحرم الشريف يعنى من النقطة التى كان محمد راشد أفندى قد اقترب من بدايتها داخل الحرم الشريف، كما أرى فى مسطح الرأس المضبوط فجدد تجديدا متينا رصينا مزينا القباب التى بالقرب من باب السلام إلى المئذنة الرئيسية مع عقودها وبقية الجدار القبلى مع القبة العثمانية الجسيمة وقباب الروضة المطهرة مع القباب التى فى مواجهة قبر الرسول والقباب البالية الأخرى مع عقودها ومع مصاريفها وخلاصة القول كافة أسس أساطين وطاقات المسجد الشريف النبوى وقبابه المختلفة.
كما عمّر وقوى الحجرة المعطرة النبوية والمئذنة الرئيسية ومآذن باب السلام وباب الرحمة كلها وفق ما جاء فى فكر الأمر السلطانى وأحكامه وطبقا لقرار مجلس الاستشارة، وهكذا أتم تعمير جميع جهات حرم السعادة كما سبق تعريفه على أحسن وجه وجعل جميع القباب الخشبية التى شيدها من الحجر وبهذا قد حظى بشكل وثناء أهالى الحرمين المحترمين، شكر الله سعيه.
كان شيخ الحرم النبوى فى عهد أحمد أسعد أفندى شيخ الوزراء المرحوم مصطفى باشا فى اسكودار وكان لمهارته فى فن العمارة وهمته وغيرته وجهوده فى استكمال أسباب إنشاءات المبانى المقدسة، ومساعى محافظ دار الهجرة من قدماء الرفقاء الكرام المرحوم خالد باشا ومعاونته وإقدام واستقامة رئيس مراجعى الأبنية العالية بدر الدين (!) ورئيس المهندسين الحاج محمود أفندى وسائر الموظفين، أكبر أثر فى تسهيل المهمة وسرعة إنجازها ومن ثمة فى إتمام إنشاءات حرم السعادة قبل الأوان بفترة.